Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د.ساري بن محمد الزهراني

92 عامًا

A A
* لا تُقاس العظمة في تأريخ الأمم إلّا بالمنجز المتّصل عبر سنواته المتلاحقة.

* ولا يُقاس العظيم من الأفراد إلّا بأثره الماثل في حياته وبعد مماته.

* وهذان المقياسان صالحان، حالما يتأمّل المؤرخ في قصة توحيد المملكة العربية السعودية؛ فضلًا عن اختبارهما بالأثر المتمكّن والقوة الكامنة بما أحدثه الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن بن فيصل آل سعود -طيب الله ثراه، ورحمه رحمة واسعة- في مبادئه وغاياته وخطاه، بأدلة واقعة، وشواهد حية، وبراهين قاطعة.

* فما من أمة من الأمم الحديثة قد اجتمع فيها المقياسان بكل تجلٍّ وإبانة، مثل ما يتجلّى ويُستبان في قراءة تأريخ قصة توحيد المملكة، والأثر الذي يشهد بعظمة مَن قام على هذا القصة الكبرى وأرسى قواعدها ووحّد أركانها.

* وما اجتُمع في التأريخ على شيء، كما اجتمع المؤرخون المنصفون على عظمة هذه القصة، التي أرست لهذا الوطن كل قواعده، قاعدةً قاعدةً؛ حتى اكتملت واستوت على خير اكتمال واستواء.

* وما اجتمع المؤرّخون على عظمة عظيم في العصر الحديث، كما اجتمعوا على عظمة «شخصية» الملك عبدالعزيز، بدءًا من مهادها ومقدماتها وبواكرها، مرورًا بشبابها وفتوتها وحيويتها، وليس انتهاءً بالحكمة والحكم وتوحيد البلاد والعباد.

* إنَّها سلسلة متّصلة، يُنبئ أوّلها عن نتائجها ومآلاتها ومآثرها، بمسارها المتّصل مرحلة مرحلة في أبهى صورة وأجلاها، وهذا هو العنوان المكين في أعلى مقام العبقرية، تسندها حصافة في الإيمان والتفكير، وحكمة في القرار والتدبير.

* وما اجتمعت تلك العناوين في «شخصية» -معنىً ودلالة- إلا وُسِم بالعظيم، وتلك آية من آيات العظماء، قلّ أن تخطئها عين الفاحص -مع ندرتها- على امتداد التأريخ البشري.

* إنّ القارئ لتأريخ هذا الوطن، عند التأمّل فيه، يجد أنّه لم يخلُ قط من دلالات القوة الكامنة، وهذه القوة -مع تعدد أنواعها- لم تكن بمعزل عن مكامن القصة التي بدأها الملك عبدالعزيز، حتى أصبح الوطن حاضرًا في خارطة العالم المتقدم، اجتماعًا، وسياسة، واقتصادًا، وثقافة.

* إنّ خير ما يُقال في ذكرى توحيد المملكة، وكل ذكرى ترتبط بها، هي القول بأن «أحلك ساعات الظلام هي ساعة الهزيع الأخير من الليل قبل الفجر الصادق بلحظات».

ويصدق ذلك على أوقات الظلام في عصور التأريخ، فإنَّ أظلم أوقاته لهو الوقت الذي يسبق فجر اليقظة بقليل من السنوات، ثم تأتي اليقظة في حينها، فإذا هي بصيص النور الأول قبل تباشير الصباح».

يصدق هذا على تأريخ الأمم، كما يصدق على تأريخ الدول وتأريخ الأفراد.

ويصدق هذا على ما كانت الجزيرة العربية عليه من تخلُّف وشتات وصراع وجهل وتشرذم، فتجلّت بعدها «تباشير الصباح» بتوحيد المملكة على يد الملك عبدالعزيز، فغدت تلك الظلمة الحالكة نورًا مضيئًا، ونهارًا مشرقًا، يُشار إليها في مقام الفخر والزهو، كما يُشار إليها في رتبة المجد السمو.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store