Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

الكنز الأغلى!!

A A
عندما طلب العبّاسُ بن عبدالمطلب -رضي الله عنه- من النبيِّ صلّى الله عليه وسلّم أن يُعلّمه شيئاً يسأله من الله عزّ وجلّ، فأجابه بأن يسأل العافية، فلم يقتنع العبّاس على ما يبدو، ومكث أياماً ثم جاء للنبيّ صلّى الله عليه وسلّم مرّة أخرى بنفس الطلب، فأجابه مُؤكِّداً نفس الجواب: (يا عمّ رسول الله، اسأل الله العافية في الدنيا والآخرة) كدليل على عِظَمِ العافية.

وفي يقيني أنّ العافية هي أغلى شيء يمتلكه الإنسان في الدنيا، وليس هناك أغلى منها حتّى لو جاب أصقاع المعمورة المعروفة والأصقاع المغمورة المجهولة، ولو نقّب أعماق البحار سابحاً مع الأسماك والحيتان، ولو سار في القفار على الرمال أو على البراري الخضراء، ولو صعد لقمم الجبال الشاهقة التي تكسوها الثلوج وتتّخذ النسورُ منها أوكاراً لها وعُشَشَاً لصغارها، ولو طار فوق السحاب على بساط الريح مثل الأسطورة علاء الدين في قصص ألف ليلة وليلة، بحثاً عن الكنز الأغلى لما وجد أفضل من العافية.

والعافية شاملة وليست محصورة في الصحّة، بل في الدين الذي هو أهمّ ما تمسّه العافية، وفي الأهل والذرية والبيت والمال، وكلّ نعم الدنيا التي يهبها الله لعباده، فيبسطها أو يقدرها لهم بمقدار وِفْق حكمة بالغة لا يعلم كُنهها إلّا هو.

وكما قال النبيّ صلّى الله عليه وسلّم في الحديث المشهور: (من أصبح منكم آمناً في سِرْبِه، مُعافَى في جسده، عنده قُوتَ يومه، فكأنّما حِيزت له الدنيا بأسرها)، والحيازة هنا هي أبلغ من الامتلاك، وأركان حيازة الدنيا هي إذن الأمن والصحّة والنجاة من المجاعة، وهي أهمّ من سُكْنى الفلل والقصور، ولبس المجوهرات والماركات، وركوب أفخم السيّارات والطائرات، واقتناء المليارات.

وهنا أدرك شهرزاد الصباح، وختمت كلامها المُباح، بأنّ النصف الثاني للعافية والأغلى هو عافية الآخرة، فإن وهبها لله لإنسان نجّاه من الأهوال المُخيفة، ومواقف الحشر التي يشيب لها الوِلْدان، والخزي والفضيحة، ومناقشة الحساب وعواقب الذنوب والنار المستعرة، وأدخله الجنّة حيث النعيم الدائم والعافية الأعظم، فلنسأل العافية والمعافاة الدائمة من الله، فلم ولا ولن يُسأل بأفضل منها، ويا أمان كلّ من سألها ليل نهار.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store