في وقت انتقص بعض فقهاء العالم الإسلامي من أهلية ومكانة المرأة، ونسبوا ذلك إلى شرع الله، واستغل المتشدّدون تلك الآراء في التضييق على المرأة، فأصبحت بموجب ذلك محط إهانة وضرب وقتل من قبل بعض الرجال، بل أصبحت تُذبح مِن قِبَل مَن رفضت الزواج به، وكذلك تُقتل من قِبَل السلطات في بعض الدول التي تدَّعي أنّها تُطبِّق شرع الله، وأقربها حادث مقتل الفتاة الإيرانية «مهسا أميني» على يد شرطة الأخلاق الإيرانية لعدم التزامها بالحجاب كما يزعمون، كما أعطت حكومة طالبان الحق لنفسها بحرمان الفتيات من التعليم الثانوي والجامعي، ولكن عند تأملنا في كتاب الله، نجد كيف أنّ الله تعالى كرّم المرأة بأنّه أنزل أكثر من (230) آية من القرآن في حوالى (58) امرأة، منهن (54) امرأة صالحة يمثلن الجانب الإيجابي، و(4) نسوة فقط كافرات، يمثلن الجانب السلبي.. من ذلك: بيان أنّها والرجل من أصل واحد، ومساواتها بالرجل في الأجر والثواب وفي تحمل أمانة الاستخلاف، وتبرئة أمنا حواء من تهمة الخطيئة الأزلية، واستقلال شخصية المرأة واختيارها بين الإيمان والكفر، ومساواتها في البيعة والولاية والشورى، وفي أهلية التكليف والكد والسعاية، ومشاركتها الرجال في الشدائد وفي المباهلة وفي إجارة المحارب، وفي المسؤولية الجنائية والحفاظ على سمعتها وكرامتها، وبيان مكانتها في الأسرة، وتوزان حقوقها مع واجباتها.. أمّا الشخصيات النسائية التي خلّدها القرآن، هنّ: أمنا حواء، التي برأها تعالى من تهمة الخطيئة الأزلية التي ألحقتها بها الشرائع السابقة للإسلام.. السيدة هاجر، وكيف أصبح سعيها بين الصفا والمروة بحثًا عن ماء يروي عطش وليدها (إسماعيل) نُسكًا من مناسك الحج والعمرة.. كما سلّط الضوء على السيدة سارة، أم سيدنا إسحاق عليه السلام.. كما أشار القرآن لبنات النبي نوح وبنتي شعيب عليهما السلام، والسيدة فاطمة بنت محمد عليه الصلاة والسلام. وزوجتا سيدنا أيوب وزكريا عليهما السلام، ونسوة المدينة اللاتي يصل عددهن إلى سبع، وقصة بلقيس ملكة سبأ مع سيدنا سليمان، وأم وأخت وزوجة سيدنا موسى وحاضنته امرأة فرعون. وزوجة عمران، والسيدة مريم ابنة عمران.. ثم أمهات المؤمنين، بآيات عامة، (سودة بنت زمعة، وعائشة بنت أبي بكر، حفصة بنت عمر بن الخطاب، وزينب بنت خزيمة، وأم سلمة، وزينب بنت جحش، وجويرية بنت الحارث، وأم حبيبة رملة بنت أبي سفيان، وصفية بنت حيي، وميمونة بنت الحارث، ومارية القبطية وريحانة بنت زيد)، وقبلهن السيدة خديجة رضي الله عنها، مع تخصيصها بآيات. كما خصَّصت آيات لتبرئة السيدة عائشة رضي الله عنها من حادثة الإفك في سورة النور، كما نزل قرآنًا في سودة بنت زمعة، وأم سلمة، ومارية القبطية، كما زوّج الله تعالى رسول الله السيدة زينب بنت جحش مطلقة متبناه زيد بن حارثة، وأشار إلى حفصة بنت عمر بن الخطّاب وأم حبيبة رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنهما. وعددهن (13).. كما أشار إلى (18) امرأة من خارج بيت النبوة، وهنّ: المرأتان اللتان وهبتا نفسيهما للنبي عليه الصلاة والسلام وهما: خولة بنت حكيم، وأم شريك الأنصارية.. والمرأة التي سمع الله حوارها مع رسول الله ومجادلتها له في زوجها وهي خولة بنت ثعلبة.. وهناك نساء بايعن النبي عليه الصلاة والسلام عند قدومه للمدينة، وعددهن (11) امرأة، (أم سلمة هند بنت سهيل وأم حبيبة رملة بنت أبي سفيان، وأم شريك غزية بنت جابر- أم سلمة وأم حبيبة من أمهات المؤمنين، وقد نزل فيهن قرآنًا.. فيكون العدد الباقي 9 نسوة هم: أم هانئ فاختة بنت عبدالمطلب وأم أيمن بركة مولاه عليه الصلاة والسلام، وأم الفضل لبابة الكبرى بنت الحارث، وأم معبد عاتكة بنت خالد، وأم الدرداء الكبرى خيرة بنت أبى حدرد الأسلمي، وأم بشير بن البراء خليدة بنت قيس بن ثابت، وأم الحكم بنت الزبير بن عبدالمطلب، وأم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط).. وهناك نسوة بايعن مع الرجال؛ الرسول عليه الصلاة والسلام بيعة الشجرة وهن: الربيع بنت معوز، أسماء بنت يزيد بن السكن الأشهلية، ونسيبة بنت كعب الأنصارية (أم عمارة).. وهناك 3 نساء نزلت فيهن آيات تشريعية وهن: مسيكة التائبة، وأم كُجّة صاحبة الميراث، وكبيشة بنت معن.. إضافة إلى أربع كافرات منهن امرأتا نوح ولوط عليهما السلام، وحمالة الحطب أروى بنت حرب بن أمية (أم جميل) وناقضة غزلها، وهنّ يمثلن الجانب السلبي.. وهكذا نجد أنّ (58) امرأة نزل فيهن قرآنًا، ومنهن مَن صُنّف في مرتبة الأنبياء (مريم بنت عمران)، ومنهن أمهات وأخوات وزوجات وبنات أنبياء -عليهم السلام-، ومنهن فقيهات ومفتيات وراويات حديث من أمهات المؤمنين: سودة بنت زمعة وعائشة وحفصة وأم سلمة وجويرية بنت الحارث ورملة بنت أبي سفيان رضوان الله عليهنّ، و(بلقيس ملكة سبأ)، وزوجة فرعون موسى (آسية)، و(18) منهن من خارج بيت النبوة, ثلاثة منهنّ راويات حديث، وأربع نسوة فقط كافرات. فلقد خلّد القرآن النساء من خلال أكثر من (220) آية، ونزلت أكثر من مائة آية في (54) امرأة صالحة خلّدتهن، وأعلت من شأنهن، و(4) كافرات.
وآمل أن يُدرك الذين يحطّون من قدر المرأة، أنّ الله قد كرمها في كتابه الكريم، فلا نمتهنها ولا نُقلِّل من شأنها.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
