Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محسن علي السهيمي

همسة في أذن وزير التعليم

A A
يأتي معالي وزير التعليم الأستاذ «يوسف البنيان» إلى كرسي الوزارة - بعد أن حظي بالثقة الملكية - وأمامه الكثير من القضايا العالقة؛ التي تحتاج إلى حلحلة وإصلاح، ولعله بشخصيته القيادية وسعة أفقه يأخذ بيد الوزارة لتجاوز تلك القضايا، والانطلاق بها لتحقيق أهدافها. سأهمس في أذن معاليه بأمر، ربما لم يتطرق له المعنيون بأمر التعليم وقضاياه؛ من معلمين وطلاب وكُتاب صحف، ومتابعين للميدان التعليمي، هذا الأمر لا يتماس مباشرةً مع هموم العملية التعليمية وقضايا الميدان التعليمي - فهذه الهموم والقضايا مؤكَّد أنها ستُشبع طرحًا من غيري - وإنما يتعلق باشتغال الوزارة بما (ليس من صلب مهامها) على حساب الأَولَى والأهم. الأمر الذي أعنيه وأرجو أن يعمل معاليه على معالجته عاجلاً، هو إشغالُ الوزارةِ نفسَها وموظفيها بتعقُّب ما يُكتب عنها من ملاحظات ربما تحمل أحيانًا بعض المغالطات، والوزارة حين تُشغل نفسها بهذا الأمر، فهي تُوظِّف وقتها وجُهدها فيما ليس من صلب مهامها، وبالتالي تذهب طاقاتها وأوقاتها لمتابعة ما يُكتب عنها، وتعقُّب الكتَّاب والمُغرِّدين، ثم يتطور الأمر أحيانًا للاستجواب والمساءلة، وينتهي الأمر إلى لا شيء. هذا لا يعني أن الوزارة ينبغي أن تصم آذانها عن كل رأي وطرح جاد ونقد هادف، يحمل التطوير والتصحيح، بل الواجب في حقها أن تأخذ منه ما يخدم أهدافها، ويرقى بخدماتها، ويُصحِّح مسارها، فالمجتمع غالبيته على درجة كبيرة من العلم والمعرفة، وغالبيتهم العظمى خريجو مقاعدها الدراسية، فهم على دراية بقضاياها وهمومها، ولديهم آراء ناضجة تستحق الطرح، وما عدا ذلك من طرح ونقد غير هادف، فبإمكانها الرد عليه وتفنيده عبر أي وسيلة إعلامية، ولن يَنقص من قدرها شيء. عندما تُؤمن وزارة التعليم - وكل الوزارات - بأنها ليست في منأى عن الملاحظات، وتُؤمن بأن خارج منظومتها عقول نيّرة وأفكار جيدة، وتُؤمن بأنها ينبغي أن تفتح آذانها لهذه الأفكار ممثلة في النقد الهادف، وتُؤمن بأنها حينما تُقدِّم خدماتها للمستفيدين منها، فينبغي أن تكون هذه الخدمات محقّقة لطموحات المستفيدين منها، عندها نطمئن على أنها تسير في الاتجاه الصحيح.

وخلاصة القول فإن المأمول من الوزير «البنيان» أن يبدأ صفحة جديدة مع المنتسبين للتعليم، ومَن تعنيهم قضاياه، بحيث تكون هذه الصفحة قائمة على (سعة الصدر) لكل الآراء مهما كانت حدّتها، والوزارة لا تعدم اللسان المبين والمعلومات الوافرة والحُجَّة لترد على النقد (المغالطات) الموجَّه لها؛ عبر الوسيلة نفسها التي ظهر فيها، أو في أي وسيلة مناسبة، وهو الأمر الذي أشرتُ إليه في مقال الأسبوع الماضي، حينما ذكرتُ أن الأمر السامي أكد على «أهمية الرد على ما يُنشر في وسائل الإعلام من مغالطات أو غيره في وقته، لإيضاح الحقائق كل فيما يخصه»، وذكرتُ فيه أن المقام السامي قال (لإيضاح الحقائق) ولم يَقُل (للتحقيق والاستجواب)؛ لأن الجهة المسؤولة (وزارة وما دونها) إذا هي جعلت همّها مطاردة صاحب كل نقد جاء في مقال أو تغريدة، واستجوابه والتنكيل به، فذاك يعني انصرافها عن مهامها وأولوياتها، ويعني بكل تأكيد قصور خدماتها وضعف أدائها، ويعني أن خطواتها ضلَّت الطريق.

وزارة التعليم تُعد الوزارة الأقدر والأكثر تأهيلاً على مقارعة (الفكر بالفكر)، والرد على كل رأي أو نقد بما يُوضِّح الصورة، ويزيل غبشها، وإذا هي سلكت هذا المسلك - وهذا هو المأمول منها كونها الأقدر والأجدر - فستكسب رضا المجتمع التعليمي خاصة، والمجتمع عامة، وسيُدرك الجميع أن الوزارة جادة في توجهاتها، وفي أداء مهامها، بدلالة تجاوبها الراقي وتعاملها المثالي مع كل نقد يُوجَّه إليها، واستخدامها منابر ظاهرة لبيان الحقيقة بكل شفافية ووضوح دون تبعات سلبية؛ تترتب على الرد، أو تُلحق ضررًا بالناقد. ثم إن المأمول أن يكون القائمون في الوزارة على قراءة الآراء الناقدة والملاحظات الموجهة للوزارة وتتبّعها وتحليلها؛ ممَّن لديهم سعة الأفق والدراية والقدرة على تفكيك مضامين الخطاب وتحليله؛ حتى لا يُؤوَّل (تعزيز) كاتب أو مُغرِّد لقرار ما من قرارات الوزارة بأنه (بلبلة)، ولا تُؤوَّل (مطالبهما المشروعة) بأنها (إثارة).

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store