ليالي العيد تبان من عصاريها.. هو مثل شعبي يقصد به أن ليالي العيد يسبقها مؤشرات وممارسات اجتماعية معروفة يتبعها حتماً يوم العيد، وقد يطلق هذا المثل سخرية عند الفشل في تحقق الوعود والخطط كما أعلن عنها، ولعل هذا المثل يمكن إطلاقه على حالة النمو الحضاري الحقيقي لدى بعض الدول العربية التي جعلت شعوبها تعيش حالة الوهم والوعود الكاذبة والسرابية التي لا يتحقق منها شيء كون النمو الحضاري لا يأتي فجأة بل يستوجب أن يسبقه خطط ومشاريع وبرامج يلمس وجودها المجتمع، فالنمو الحضاري لابد وأن يمر بمراحل قد تكون أحياناً متقاربة وقد تكون أيضًا متباعدة لكن في نهاية الأمر يلمس المجتمع ذلك المنتج الحضاري فكل عمل لم ترتبط خططه المدونة بأزمنة محددة تتحقق تباعاً فهو عمل منقوص هلامي لذر الرماد في العيون، وهذا للأسف الشديد واقع الحال الذي تعيشه أغلب بلادنا العربية، لذا نرى نموها الحضاري يدور في حلقة مفرغة وما يبنيه البعض يهدمه آخرون، وهذه الحالة حتمًا ترتب عليها الضمور الحضاري وتباطؤ المسيرة التنموية العربية فكانت النتيجة أن سبقتها دول كانت أقل منها وهي لا تزال تعيش حالة الوهم الذي تم ترسيخه بين أفراد مجتمعها.
ولعل هذه الحالة المؤسفة قد فطن لها بعض القادة العرب الأفذاذ -رعاهم الله- حينما أيقظوا رقادها وأشعلوا فتيل نموها الحضاري فبدأت تلك الدول تعيش نمواً حضارياً تنافسياً متسارعاً في مختلف المجالات الحياتية، فعلى سبيل المثال لا الحصر ما عاشته بعض الدول الخليجية خلال العقدين السابقين من نمو حضاري مذهل ومتسارع وفي مقدمة تلك الدول بالطبع المملكة العربية السعودية التي أراها تسابق الزمن في مختلف المجالات التنموية حتى استطاعت أن توجد لها مكانة مرموقة بين الدول المتقدمة.
ومن هذا المنطلق أتمنى من تلك الدول العربية الضامرة حضارياً أن تحذو حذو الدول الخليجية وتبدأ في استثمار ثرواتها المهدرة والمنهوبة في بناء أوطانها وشعوبها فوطننا العربي ليس كما يدعي بعض المثبطين أو المنتفعين بعدم وجود الثروات، بل لدينا وطن عربي يزخر بالثروات الثمينة وبالمواقع الإستراتيجية وبالثروة البشرية المتحفزة والمتوثبة للعمل والارتقاء لكنها فقط تنتظر من يستثمر قواها الاستثمار الأمثل وفق خطط ومشارع وبرامج مشهودة ومتحققة يتم تنفيذها دون نقص أو تضليل.. والله من وراء القصد.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
