Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

ما زال المتقاعدون مهاجرين!!

A A
كتبْتُ قبل سنوات مقالاً عن مشكلة هجرة عشرات الآلاف من المتقاعدين السعوديين للخارج، واستقرارهم المعيشي في بلاد عديدة حول العالم العربي والإسلامي، بل وحتّى العوالم الأخرى من أرض الله، وتواجدهم القليل في بلادنا للحالات الطارئة فقط أو لإنجاز معاملاتهم الرسمية والبنكية، عكس متقاعدي الدول الأخرى الذين يجوبون العالم من أقصاه لأقصاه إبّان حياتهم الوظيفية، ثمّ يستقرّون في بلادهم عند بلوغهم سنّ التقاعد، وهذا هو الشيء المُحيِّر والعجيب.

وحظي مقالي الذي كان عنوانه (الموتُ قاعداً أو الموتُ مُهاجِراً) بقراءات وتعليقات جماهيرية لأهمية الموضوع وتعلّقه بشريحة كبيرة وعزيزة من المواطنين.

والسؤال الذي أطرحه هو: هل حُلّت هذه المشكلة؟ بمعنى أنّ متقاعدينا عادوا لبلادهم بالقناعة والرضا والابتسامة؟ وقالوا إنّهم (خلاص) قد تابوا توبة نصوحاً وقرّروا التواجد الدائم في بلادنا، وربّما هناك سفريات محتملة ولأيام معدودات للخارج بين الفينة والأخرى، لكن للأسف الشديد، إذ ما إن انتهت جائحة كورونا من تصنيفها الوبائي الانتشاري الكبير والخطير، حتّى هاجرت مرّةً أخرى أسرابُ المتقاعدين لقواعدها الخارجية سالمة وغانمة ومُستأنِسة، ولو كانت هناك إحصائيات لأثبتت ذلك بكلّ أريحية، لكنّ المشاهدات الفعلية تُصيب ولا تُخطئ.

والسبب الرئيس الذي قُلته سابقاً وأقوله حالياً لهجرة المتقاعدين هو قدرة رواتبهم التقاعدية للمعيشة في الخارج بشكل أفضل من الداخل، خصوصاً في البلاد التي تقلّ قيمة عملاتها عن قيمة الريال السعودي، زاد اللهُ ريالنا قيمةً ورنيناً وثمناً نفيساً، وليس هنا المجال لتسمية هذه البلاد أو أوجه المعيشة فيها ممّا مالت إليها قلوب وعقول المتقاعدين (٢٤) قيراط من الذهب النقيّ والخالص.

وصدّقوني، هناك حاجة ماسّة لتحسين قدرة متقاعدينا المالية، فإذا ما حُسِّنَت حُلَّت مشكلة هجرتهم، وأصبحت إقامتهم لدينا هي الأساس، واستبدلوا الهجرة بسفر محدود لتغيير الجوّ لا أكثر ولا أقلّ، وعاد كهول الوطن لوطنهم، واستفاد الوطن من خبراتهم، وأنفقوا أموالهم الكثيرة في مجموعها داخل وطنهم وحسّنوا اقتصاده، أليس هذ أفضل؟ بلى والله، إذن، سارعوا للمُتقاعدين وارفعوا قدرتهم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store