Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
طارق علي فدعق

كاميـــكازي

A A
انتشرت اليوم أخبار طائرات «كاميكازي» المسيّرة، التي تُستخدم في الحرب الروسية الأوكرانية.. والمقصود هي الطائرات الصغيرة الإيرانية الصنع من طراز «شاهد» التي تقوم بمهام «انتحارية».. تنطلق بمجموعات مكثفة للبحث عن أهدافها، علماً بأن لديها القدرة «للسلسة» فوق مناطق مختلفة لفترات طويلة نسبيا، ومراقبتها بالكاميرات..

وعند العثور على أهداف تستحق الهجوم من مشغِّليها على الأرض، يتم توجيهها للانقضاض، وكأنها قنابل لتدمير الهدف ونفسها.. وعنوان المقال هو «كلمة يابانية» معناها «الرياح الإلهية»، وترمز لوقائع تاريخية في تاريخ اليابان في نهاية القرن الثالث عشر؛ عندما كانت إمبراطورية منغوليا مهيمنة على مساحات شاسعة من القارة الآسيوية، تحت قيادة «جنكيز خان». وكانت أطماع منغوليا تشمل جميع الجزر اليابانية، وكانت تتمتع بقوة بحرية هائلة، وتشمل تجنيد قوات من الدول التي احتلتها، مثل الصين وكوريا. وعندما بدأت بعملية اجتياح اليابان من البحر، فوجئت بهبوب إعصار هائل أغرق السفن وعشرات الآلاف من الرجال، ودمر خطة الاحتلال مرتين في 1274 ثم في 1281، فكان الفكر الياباني أن تَدخُّل الآلهة هو الذي أنقذ حضاراتهم.. وتقدَّم عداد الزمن بمئات السنين إلى الحرب العالمية الثانية، حيث كان الصراع بين الولايات المتحدة واليابان على أشده.. وتحديداً في عام 1944 بعد سقوط النازية في أوروبا، وتفرُّغ أمريكا للمسرح الآسيوي، واستعادة جميع الأراضي التي احتلتها اليابان من سنغافورة، وماليزيا، والصين، والفلبين وغيرها.. وبدء التقدم البحري نحو أراضي اليابان نفسها استعداداً لغزوها. وهنا تم تنشيط ميثاق المحارب الياباني «بوشيدو»، الذي يضع شرف المقاتل قبل حياته، وتم تفعيل إستراتيجية «تن جو» Ten Go -بمعنى «الجنة»- لتشير إلى العمليات «الإلهية»، لتضع الوطن قبل النفس في البحر، والبر، والجو. وفي الجو بالذات، تأسست عمليات لتأهيل طيارين من صغار السن وذوي المؤهلات المتواضعة لقيادة الطائرات، واستخدامها كقنابل موجهة ضد القطع البحرية الأمريكية.

وكانت ترشدهم إلى أهدافهم؛ طائرات بقيادة طيارين من ذوي الخبرة، ليتركوهم في مسارح العمليات للقيام بعمليات انتحارية. ولم يقتصر الموضوع على الطائرات فحسب، فقامت أكبر القطع البحرية العسكرية في التاريخ بأغرب عملية انتحارية.. قامت البارجة العملاقة «ياماتو» بعملية انتحارية تاريخية؛ لوقف أو تأخير التقدم الأمريكي نحو الجزر اليابانية. كان طولها يكاد أن يعادل ارتفاع برج الفيصلية في وسط الرياض، وكانت تحتوي على أكثر من مائة مدفع مختلف، وأكبرهم كان يستطيع أن يطلق قذائف بحجم سيارة التويوتا «كورولا». وكان يديرها طاقما مؤلفا من حوالى ثلاثة آلاف وأربعمائة رجل. دخلت في معركة بحرية انتحارية خاسرة في مطلع أبريل 1944، وقتل أكثر من ثلاثة آلاف من طاقمها في خلال ساعات قليلة في الاشتباكات مع القوات الأمريكية. وكانت هذه الخسارة تعادل تقريبا خسائر جميع عمليات الطيران ضمن إستراتيجية «تن جو» في فترة الحرب التي دامت لحوالى ست سنوات.

* أمنيــــــة:

مصطلح «كاميكازي» يرمز إلى عمليات روحانية تفوق مفهوم العمليات الانتحارية، ولكن هذا لا يُقلِّل من شأن خطورتها ودورها في الصراعات العالمية الحالية والقادمة.. أتمنى أن نُدرك أنها تخطط من جهات لا علاقة لها بالتنفيذ في أوقات السلم والحرب، وأن العديد من المخططين لا يُعايشون المخاطر الكامنة في قراراتهم الانتحارية، ولا يعطون الوزن الكافي واللائق لما أمرنا به الله عز وجل لحفظ النفس، وإن شاء الله يسلم العالم من شرور هذا التفكير.. وهو من وراء القصد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store