Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. محمد سالم الغامدي

القرآن الكريم والسنة النبوية والتشريع

A A
عندما تتحدث مع أحدهم عن بعض الجوانب ذات العلاقة بالتشريع ولا نقل الدين لأن الدين يختلف عن التشريع في جوانب عدة فالدين تشريع سماوي ثابت لا يتبدل ورد تفصيله في الكتب السماوية عن طريق الوحي وتبليغ الرسل، أما التشريع فقد يكون دينياً كما في تلك الكتب أو دنيوياً كما ورد في سلوك الأنبياء ومعاملاتهم وكما شرعته الدول لتسيير أمور حياة شعوبها المدنية، والتشريع الرباني أحكامه ثابتة وعقابه للمخالفين ثابت، أما التشريع المتمثل في سلوك الأنبياء ومعاملاتهم وتشريع الدول فقد يتغير وهذا ما يدرس في كتب الفقه بقولهم إن حكم السنة النبوية: يثاب فاعلها ولا يعاقب تاركها.. فكيف لا يعاقب تاركها وهو تشريع رباني ثم يلحقون ذلك بالتشريع الرباني، وعندما تثير مع البعض أيضًا بعض القضايا المسكوت عنها في الموروث الشرعي والتي يستوجب دراستها ونبشها وتحديد الصحيح منها والمكذوب والمدسوس فإنك تجد البعض من ذوي الفكر الجامد الذي جبل على التمسك بما ورد له من السابقين كيفما يكون أصادقاً كان أم كاذباً أم مدسوساً وممن يجهلون التأريخ وما خفي من تدوينه تحت سلطات القائمين على الدول المتقدمة لتجذير حكمهم وإكسابه المتانة والقبول وما حدث فيه من كذب وتشويه وتدليس فلهؤلاء أقول: إن سنة رسول الله صلى عليه وسلم التي تتمثل في الأخلاق والمعاملة التي كان عليها تكون في سبل توضيح كيفية تطبيق التشريع الرباني في بعض الأمور وفي الأعمال الدنيوية لأنه عليه الصلاة والسلام القدوة لأمته في تنفيذ تلك الأعمال (ولكم في رسول الله أسوة حسنة) وهو الذي قال عن نفسه (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) ولم يقل لأشرع لكم في الدين لأن تشريع الدين أكمله الله وأتمه في كتابه الكريم قال تعالى (اليوم أكملت لكم دينكم وأتممت عليكم نعمتي ورضيت لكم الإسلام دينا) وقال تعالى (ما فرطنا في الكتاب من شيء)، فهل مهمة الرسول التي جاء من أجلها هي لإكمال ما لم يكمله ويتمه الله تعالى في كتابه فكيف يكون ذلك ورسول الله صلى الله عليه وسلم لم يفسر ولو آية واحدة من القرآن بل تركه ليتدبره الناس حتى يوم القيامة لما سيتغير من الظروف والحالات التي قد تكون مناسبة في حينها؟!

إن مهمة الرسول صلى الله عليه وسلم تتمثل في تبليغ كتاب الله كما تلقاه من جبريل عليه السلام لا زيادة ولا نقصان، قال تعالى (وما على الرسول إلا البلاغ المبين) وقال تعالى (فإنما عليك البلاغ وعلينا الحساب) وكان رسول الله حين ينزل عليه الوحي يملي ذلك لكُتَّاب الوحي.

أما تدوين الحديث فلم يكتب إلا في نهاية القرن الثاني الهجري وكان سبب عدم كتابته هو امتثالاً لأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال (لا تكتبوا عني غير القرآن ومن كتب عني شيئاً فليمحه) لكن الذي حدث أنه بعد ضعف الدولة العباسية في بداية القرن الثالث الهجري وسيطرة الفرس على مفاصل الدولة العباسية وظهور الكثير من الفرق التي تحمل الحقد والكراهية على من أسقط دولتهم قاموا بأعمال تشويه تضمنت الكثير من الأحاديث المكذوبة والضعيفة كان الغرض منها تشويه الدين وإضعاف المسلمين، والسؤال الذي يطرح نفسه هنا: هل كان الصحابة والتابعون رضوان الله عليهم أقل حرصاً على التمسك بالدين فتركوا كتابة الأحاديث؟ بالطبع هذا غير صحيح بل هم أشد حرصاً، لكن تأخر نشأة علم الحديث أعطت فرصة لدس السم في العسل وهذا ما فعله أولئك الحاقدون.. والله من وراء القصد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store