Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عدنان كامل صلاح

نحو شرق أوسط جديد

A A
اتضح الآن أن الانتخابات النصفية الأمريكية لم تنتج للحزب الجمهوري النصر الذي كانوا يترقبونه. وليس من الواضح حتى الآن ما إذا كانت السياسة الخارجية الأمريكية ستتأثر بنتائج هذه الانتخابات، أم أن مسيرة إدارة بايدن في السياسة الخارجية سوف تتواصل.

ولننقل اهتمامنا إلى ما يدور في منطقتنا. ففي مصر يُحقِّق مؤتمر المناخ تسليطاً إعلامياً إيجابياً على البلاد. بينما تتوعَّد حركات غربية متعددة بأنها لن تتيح لقطر أن تُحقِّق نصراً إعلامياً في تنظيمها لمسابقات كرة القدم العالمية فيها، وأنها ستسعى أولاً لكشف كيف كسبت الدوحة حق تنظيم كأس العالم بالرشاوي، وليس عن جدارة، ثم ستكشف للعالم كيف هي حقوق الإنسان مستهانة في قطر، وأنها بينما تجعل النظام القطري أضحوكة عالمية؛ فإنها ستسعى لجعله نموذجاً، أو بالأصح ستسعى لأجل جعل ما سيتعرض له من قبل هذه المجموعات، نموذجاً لدول الخليج الأخرى.

في الجانب الآخر حققت إسرائيل انتصاراً في صراعها مع لبنان لترسيم الحدود البحرية، ووفر لها حزب الله وأمينه العام، حسن نصر الله، نصراً جيداً، بأن تم وضع اتفاق يحدد المساحة البحرية الخاصة بإسرائيل في منطقة يتوفر فيها الغاز بكميات كبيرة حسب التقارير الاقتصادية، ووافق لبنان على أن يعطي إسرائيل جزءاً من دخله من المنطقة التي سيقوم هو بالتنقيب فيها، على أن تسلمه الشركات المنقبة هذه الحصة قبل تسليمها للحصة اللبنانية. ولم تتضح تفاصيل هذا الاتفاق العجيب الغريب، ولكن حسن نصر الله أعلن أنه اتفاق عظيم، بينما أعلن آية الله خامنئي أن أمريكا خسرت، وأن حزب الله انتصر عبر هذا الاتفاق الذي كان الأمريكيون يتوسطون فيه بين تل أبيب وبيروت في مهمة مكوكية تكللت بالنجاح. وعلماً بأن ملف الترسيم البحري كان بيد رئيس مجلس النواب نبيه بري، الحليف القوي لحزب الله، إلى أن تم تحويله إلى رئيس الجمهورية السابق، ميشال عون، ليقوم بتوقيع الاتفاق بعد ذلك بدون أن يُعرض على مجلس النواب ولا على المواطنين تفاصيل الاتفاق وما دار وراء الكواليس. وقيل بأن هذا الاتفاق اللبناني - الإسرائيلي هو رسالة من طهران للخصم الأمريكي والعدو الإسرائيلي بأن إيران الآيات ستلعب اللعبة التي يرغبونها. وتم في العراق تطور غريب آخر، حيث فازت الكتلة الصدرية بعدد من المقاعد في البرلمان، يُمكِّنها أن تتولى حكم البلاد، ورفضت المليشيات العراقية الموالية لإيران التعاون مع الصدر، وإذا به يُفاجئ العالم بسحب كل ممثليه من البرلمان، وإتاحة الفرصة لخصومه لترشيح ممثليهم في هذه الكراسي وكسبها، مما أدى إلى قيامهم باختيار رئيس جمهورية ورئيس وزراء حسب مواصفات تُرضي طهران.

من المؤكد الآن -نتيجةً لمجريات نتائج الانتخابات النصفية الأمريكية- أن تتواصل إدارة بايدن تفاوضها العلني مع طهران عبر محادثات النووي الإيراني في فيينا، وأن تصل إلى اتفاقية، وربما يتم التفاهم على وضع للأطماع التوسعية الإيرانية في المنطقة، وإن كان ذلك لا يضمن عدم قيام حرب إقليمية جديدة في المنطقة، تكون إيران لاعباً رئيساً فيها.

وتتواصل الضغوط في السودان لسحب القوات المسلحة من اللعبة السياسية بالكامل، وترك الأمور كافة بيد نخب سودانية لا تتمتع بالخبرة، وإن كانت سليطة اللسان في مهاجمتها للعسكر. وأعتقد أن القوى الغربية -وعلى رأسها أمريكا- المتواجدة في ليبيا، ستبدأ الآن مرحلة جديدة في تعاملها مع الوضع الليبي، تخرج بموجبه فرق روسية تحارب هناك، وتُوضِّح لتركيا المدى الذي يمكن أن تتوسع فيه الأطماع التركية. ولن يترك الغرب تونس وتطوراتها، لأنه غير راض عن إبعاد جماعة الإخوان المسلمين عن العمل السياسي، ويرغب في مواصلة استخدامهم هناك، وحيث يتواجدون في الدول العربية. وستتضح قريباً الأدوار التي يطمح الغرب في أن تقوم بها حركة طالبان داخل أفغانستان وجوارها، وما إذا كانت ستسعى لدعم المتشددين من أمثالها في باكستان. أو أن الغرب سيكون مرتاحاً لعودة ولده «المتمرد» عمران خان على رأس حكومة تُعدُّ البلد لمرحلة جديدة.

كل هذه الملاحظات تتعلق بما يحدث في الشرق الأوسط، وتعطي للمهتم علامات إلى الطريق الذي قد تتجه إليه الأحداث، علماً بأن الانسحاب الأخير للقوات الروسية من منطقة أوكرانية أعلنت سابقاً إلحاقها بروسيا، وتمكين القوات الأوكرانية من إعادة السيطرة عليها، ليس بالحدث البسيط، ولم يكن قراراً سهلاً تتخذه القيادة الروسية، وإنما هو نتيجة للتواصل فيما بين أمريكا والدول الغربية مع روسيا، والوصول إلى تفاهم ما حول الأزمة التي تجد روسيا نفسها فيها وحيدة، بعد أن قامت الصين بتحييد نفسها في ما يتعلق بالحرب الأوكرانية.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store