Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاتن محمد حسين

مؤتمر المناخ.. الأرض «نماء أم دمار»؟!

A A
‏توافد عشرات من قادة العالم إلى مؤتمر المناخ (كوب 27)؛ والذي عُقِد في شرم الشيخ بمصر الشقيقة، وكان هناك إجماع من المتحدثين بخطورة الأزمة المناخية التي تهدد العالم، وضرورة اتخاذ خطوات عملية من أجل خفض حرارة الأرض على الأقل (1.5) درجة لمعالجة آثار ‏الاحترار من خلال خفض الانبعاثات الكربونية للحد من الكوارث البيئية والطبيعية التي ضربت أجزاء من العالم.

‏وتحدياً للواقع، أُطلق على هذه القمة اسم (قمة التنفيذ)، في إشارة إلى ضرورة التحرك الفعلي من الدول الغنية لحل أزمة المناخ، فقد سبق هذه القمة 26 مؤتمراً؛ آخرها مؤتمر (غلاسكو)، حيث أُخذت تعهدات من ١٩٧ دولة مشاركة في الالتزام بخفض الانبعاثات الكربونية، واتخاذ خطوات إجرائية سريعة، كلاً حسب منطقته الطبوغرافية، وإن كان هناك تحقق لبعض المطالبات، كما في (قمة الأرض) وما نتج عنها من اتفاقية التنوع البيولوجي، وإعلان مبادرة إدارة الغابات، والحفاظ على الموارد البحرية الحية.. إلا أنه لا تزال عوامل أخرى أكثر خطورة تراوح مكانها دون أي تنفيذ، كما أشار إلى ذلك الأمين العام للأمم المتحدة «أنطونيو غوتيرش»، وأن البشرية تخوض معركة بقاء في مواجهة التغير المناخي، وأكد على أهمية التخلي عن الفحم والوقود الأحفوري عموماً، كمصدر رئيس للطاقة، وتجنب أضراره الخطيرة.

وحقيقةً، فإن تمويل مشاريع الاقتصاد الدائري للكربون يحتاج إلى دعم كبير من الدول الغنية، وقد بثت قناة BBC البريطانية تقريراً حول الحصة العادلة من التمويل لكل بلد من خلال دراسة علمية اعتمدت على الناتج المحلي، والقدرة على التمويل لكل بلد، ثم انبعاثات الكربون المتراكمة، أي التاريخية، وأخيراً عدد السكان؛ لتتحمل تلك الدول مسؤولياتها الدولية في الإنفاق على مشاريع المناخ، وقد أشار التقرير إلى أن أقل الدول مساهمةً في التمويل هي: الولايات المتحدة الأمريكية، وكندا، وأستراليا، بالرغم من أن آلاتها الصناعية هي أكبر ملوِّث للبيئة.. بينما دول أخرى مثل السويد، والنرويج، واليابان، وفنلندا، قدَّمت ما كانت ملتزمة به من مشاريع تدعم الدول الفقيرة اقتصادياً، في مواجهة التلوث البيئي وتغيُّر المناخ.

‏وأما السعودية الدولة التي لا تلبث أن تُحوِّل القول إلى فعل (يكون)، فقد أعلنت في قمة العشرين في الرياض ٢٠٢٠م عن مبادرة الشرق الأوسط الأخضر، والسعودية الخضراء، وهي بدأت فعلاً بإجراءات تنفيذية من خلال تمويلها للمبادرتين، ومنها ما أعلنه مؤخراً سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في استضافة المملكة بمقر الأمانة العامة للمبادرة (الشرق الأوسط الأخضر) النسخة الثانية بدعم المبادرة بـ (2.5 مليار دولار)، واستهدف صندوق الاستثمارات العامة بالوصول للحياد الصفري في انبعاثات غاز ثاني أكسيد الكربون والميثان المسبِّبة للاحتباس الحراري بحلول٢٠٥٠ م من خلال نهج الاقتصاد الدائري للكربون. وهذا يتطلب - كما أشار سموه - إلى ضرورة تكاتف دول المنطقة لتحقيق الأهداف المرجوة؛ وأن المملكة تنتج 50٪ من الكهرباء داخل المملكة بالاعتماد على الطاقة المتجددة بحلول عام ٢٠٣٠م؛ وليس إنتاج أول سيارة كهربائية سعودية (سير) إلا أنموذج للحد من الانبعاثات الكربونية وللمحافظة على البيئة، وتعزيز التنمية المستدامة، وجذب استثمارات تصل مساهمتها من الناتج المحلي إلى٣٠ مليار دولار.

إن الجهود التي تسعى لها السعودية تمثل ١٠٪ من الإسهامات العالمية، إضافةً إلى زراعة (٥٠ مليار) شجرة، واستصلاح 200 مليون هكتار من الأراضي المتدهورة. وفي مشروع السعودية الخضراء بدأت جميع الهيئات الحكومية والقطاع الخاص، ومنها أمانات المدن وبدعم من أمراء المناطق، والكوادر البشرية المؤهلة والمتطوعون، والتقنيات الزراعية؛ في استصلاح الأراضي الزراعية وتشجير المناطق، هذا فضلاً عن المشاركة في البرنامج الإقليمي لاستمطار السحب.

‏كل هذه الجهود والطموحات المحلية والإقليمية والدولية للحفاظ على كوكب الأرض لا تتماشى مع الحرب الضروس بين روسيا وأوكرانيا وتهديدات تلوح في الأفق باستخدام الترسانة النووية، ونشوب حرب عالمية ثالثة لا تُبقي ولا تذر!! في الوقت نفسه لن ترضى روسيا والصين وحلفاؤهما بقلب الطاولة من الكاوبوي الأمريكي وحلفائه، وسيكون الرد قاسياً على الكوكب والبشرية، وهنا يظهر لنا بوضوح أن آخر اهتمام هؤلاء هو تنمية الأرض والإنسان.. في حين أن ديننا الإسلامي يحث على السلام ونماء الأرض وازدهارها في قوله عليه الصلاة والسلام: (إذا قامت الساعة وفي يد أحدكم فسيلة فليغرسها).

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store