مقدمات العقاد

* شاعت المقدِّمات (الغيرية) للكتب مطلع النهضة العلمية الأدبية المعاصرة، وذلك على نمط التقديم المعروف في الأدب الغربي، وأضحت لونًا من ألوان الحياة الأدبية التي ترتبط بكتَّابها وتؤلِّف بعضًا من تراثها.

* يشير مؤلف كتاب «مقدِّمات العقاد» إلى أن أول من استفتح هذا اللون من الكتابة هو شكري فيصل، بما جمعه من مقدِّمات لطه حسين، وسمَّاها «كتب ومؤلفون»، ونشرها مطلع سنة 1980، ثم توالت بعد ذلك جمع، نشر المقدِّمات، لعدد من العلماء، والأدباء، والمشتغلين بشؤون الفكر والثقافة.

* الغريب هنا أنّ «مقدِّمات العقاد»، مع تنوعها، وكثرتها، وثرائها، واشتمالها على أبواب شتى من الأدب، والنقد، والفكر، والفلسفة، والسياسة وغيرها؛ لم تلق العناية والاهتمام؛ إلا في وقت متأخر جدًّا، وذلك بعد أن قام الدكتور عبدالرحمن بن حسن قائد بجمعها، والتقديم لها، والاعتناء بها في كتابه الموسوم بـ»مقدِّمات العقاد»، الصادر عن شركة آفاق المعرفة للنشر والتوزيع 2020م.

* تقارب (99) مقدمة، هي حصيلة ما كتبه عباس محمود العقاد -رحمه الله- من مقدِّمات، مما وقف عليه الباحث مشكورًا، وقد تنوعت موضوعات الكتب التي قدم لها العقاد ما بين ديوان شعر، وقصة، ورواية، ومسرحية، ودراسة نقدية، ومقالات مجموعة في فنون اللغة والأدب، والاقتصاد، والسياسة، والتاريخ، والتراجم، والرحالات، وقد جمعت ما بين نصوص عربية أصيلة، ونصوص مترجمة من اللغات الإنجليزية، الروسية، والهندية، الأمر الذي يعكس تنوع الحصيلة المعرفية، ووفرة الموارد التي يمتلكها العقاد.

* تنوعت معالم المقدِّمات التي كتبها العقاد ما بين الحديث عن موضوع الكتاب ومباحثه إجمالًا دون الخوض في تفاصيله، وما بين وصف عمل المؤلف أو المترجم ومنهجه الذي سار عليه، وبيان الإضافة العلمية للكتاب، وسهم المؤلف في إثراء موضوعه، والثناء على مظاهر الإجادة والتنبيه إلى مواضع الضعف، والمناقشة في بعض ما ذهب إليه المؤلف من آراء، وإثراء فكرة الكتاب وموضوعه بخلاصات معرفية وأنظار تأملية، والإشارة إلى طرف من سيرة المؤلف وذكرياته معه.

* أخيرًا تبقى مقدِّمات العقاد -مع تنوع معالمها، وأنماطها، ومستوياتها- زادًا من العلم، وزادًا من المعرفة، وزادًا من الفكر، وزادًا من النقد؛ حري بالدارسين والباحثين تناولها ودراستها والعناية بها، فهي تُعدُّ امتدادًا لما جاد به العقاد في مؤلفاته التي تربو عن مئة مؤلف في شتى فنون المعرفة الإنسانية.