Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. محمد سالم الغامدي

العرقوبيات

A A
نسمع كثيراً ترديد بعض العبارات مثل (في المشمش) وبالرغم من تعدد الروايات التي تحكي قصة هذه المقولة إلا أن ذلك لا يهمنا بقدر أهمية الغرض الذي تطلق من أجله، وهو تلك المواعيد الفضفاضة أو الكاذبة المتكررة لغرض التمويه أو المماطلة التي يقوم بها البعض، سواء كانوا أفراداً أو جماعات أو مؤسسات، ولعل هذه المقولة يمكن إسقاطها على واقع الحال الذي تعيشه مجتمعاتنا العربية سواء كانوا أفراداً أو مؤسسات من خلال المواعيد، تكرار إطلاق تلك المواعيد الكاذبة وتلك المماطلات المستمرة التي يطلقونها تباعاً للعملاء أو أصحاب الحقوق ولا تجد لتلك الوعود أثراً ملموساً، وغالباً ما يطلق العرب على هذا النوع من الوعود بالوعود العرقوبية، فعلى سبيل المثال لا الحصر ما يحدث في تلك المؤسسات من إطلاق الوعود الفضفاضة والجاذبة بالكلمات المعسولة التي يتكرر إطلاقها من قبل بعض الوزارات كالوعود بتنفيذ مشروع هام عند المواطن أو كالوعود بإنهاء قضية من القضايا لكن ذلك الحل يستمر حبيس التنفيذ لعدة أشهر أو حتى أعوام، أو كما يحدث لدى بعض المحاكم العربية بمختلف اتجاهاتها من إطلاق لتلك المواعيد التي لا تلبث أن تذوب في مسارب الأيام حتى إن المواطن نتيجة لذلك يكثر من ترديد العبارات المعروفة مثل قولهم (في المشمش) أو (قابلني) أو (موت يا حمار) عندما يسمع مثل تلك الوعود أو يسمع سيرته عبر جهاز إعلامي وكم هي الأمثلة على ذلك كثيرة ومختلفة الصور والاتجاهات التي تطلق عليها مثل تلك العبارات.

ولعل المؤسف أن ذلك لا يحدث سوى في مجتمعاتنا العربية مما يجعله أحد أهم العوائق التي تحد الحركة التنموية.

وعلى ما يبدو أن السبب الرئيس لنشوء مثل تلك الممارسات المخجلة يعود إلى سوء التخطيط واعتماده على القرارات الفردية التي لا تخضع لدراسة بالنسبة للمشاريع وتدل أيضاً دلالة واضحة على ضعف الوازع الديني الذي جعل البعض يعتبر تلك الممارسات جزءًا من الفهلوة والشطارة والذكاء بينما هي ذات دلالة على حجم التخلف والجهل، بالإضافة إلى كونها تخالف التعليمات الربانية التي تضمنها كتابه الكريم كما يعود أيضاً إلى الخلل الكبير في صياغة وتقادم الأنظمة وعدم مؤامتها لواقع الحال الذي يعيشه المجتمع.. والله من وراء القصد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store