Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عدنان كامل صلاح

خياراتنا.. في ظل انهيار النظام العالمي

A A
عبَّر وزراء الإعلام بدول مجلس التعاون الخليجي، في اجتماع لهم برئاسة الدكتور ماجد القصبي وزير الإعلام السعودي المكلف عبر الاتصال المرئي خلال الأسبوع الحالي عن استنكارهم ورفضهم جميع المحاولات الممنهجة والمغرضة الموجهة ضد دول الخليج، رداً على الحملات التي شنتها وسائل الإعلام الغربية، وبعض السياسيين فيها، والتي نشطت وارتفع صوتها خلال الدورة الحالية لكأس العالم في قطر التي اتُّهِمَت بالكثير من التهم، منها المعاملة التي وصفوها بالسيئة، والتي تعرَّض لها العمال الذين شاركوا في بناء ملاعب ومباني هذه المناسبة العالمية. ودفعت بالكاميرات التلفزيونية لبعض الإعلاميين الغربيين إلى مدن وقرى أتى منها العمال، ليعرضوا حالات لعائلات عمالة توفَّى عائلها، وعرضوها على أجهزة التلفزيون في دولهم، وكان لابد من توحيد صف الخليجيين لمواجهة هذه الحملة، وعسى أن يتحوَّل ذلك إلى عملٍ جماعي متواصل، وألا يبتعد أحد من دول الخليج عن رفاقه، فوحدة المواقف الخليجية ستحدُّ من التهجم الظالم على الخليجيين حُكَّاماً وشعوباً.

نشط اليسار الغربي، مؤخراً، في محاولات فرض قواعد للبشرية يتعاملون بها، أكان بفرض المثلية على المجتمعات، أو المساواة في مجالات مختلفة، وتجدهم أخيراً يتمردون على مُسمَّى رجل وامرأة، (ليصبح المُسمَّى «هم»)، ويدفعون إلى تغيير الجنس بعمليات جراحية، والتخلي عن الوصف البشري للإنسان والأديان والعقائد، وحوَّلوا هذا الأمر إلى ما يُسمّونه «حقوق الإنسان»، ويستغلّونه في المجال السياسي ليصلوا إلى مراكز السلطة والثراء، ويستخدموا القوة بمختلف أشكالها لإرغام الشعوب على اتباعهم والاستسلام لهم، ونحن بصراحة لا نُحب اليمين الغربي ولا يساره، وليس لنا مصلحة في تأييد أي منهما في معركتهما الحالية من أجل الهيمنة على بلدانهم، ولكننا نرفض أن يرغموا شعوب ودول العالم الأخرى بما يُريدون، ويُعيدونا إلى العهود الاستعمارية، ولكن بطريقةٍ أسوأ وأكثر شراً، وفي مواجهة الحملة التي يشنَّها الغرب اليوم على العالم الثالث، نجد الدولتين الكبيرتين، روسيا والصين، تسعيان لتقديم نماذج أخرى للنظام السياسي والاجتماعي، في مواجهة إستراتيجية الرئيس الأمريكي «جو بايدن» للأمن القومي؛ التي أعلنها بداية شهر أكتوبر.

ناقش ملتقى فالداي الدولي في روسيا في مؤتمره السنوي، الذي عُقِدَ أوائل هذا الشهر، في مدينة Valdai الروسية، النظام العالمي الجديد، والذي يعتقد الروس أنه يتحرك نحو نظام متعدد الأقطاب من خلال بروز «مراكز تأثير جديدة»، ويقول السفير رمزي عز الدين رمزي دبلوماسي مصري سابق حضر الملتقى وكتب عنه في «الشرق الأوسط» يوم 12 نوفمبر الحالي، أن المشاركين الروس حرصوا على التأكيد أن روسيا دولة استثنائية، لديها رسالة عالمية تتمحور حول «النقاء الروحي»، تسمح لها بأن تُسهم في تشكيل نظام دولي جديد، ودعا الروس في هذا المؤتمر الدول النامية إلى توحيد قواها مع كل من روسيا والصين لإقامة نظام دولي متعدد الأقطاب، يسعى إلى إصلاح منظومة الأمم المتحدة، بما فيها الاقتصادية، مثل البنك الدولي وصندوق النقد الدولي وتخفيف الاعتماد على الدولار الأمريكي كعملة احتياطية.

وشاهدتُ مقطعاً تلفزيونياً سُجِّل عام 2018 يتحدَّث فيه الدكتور زانج وي وي Zhang Wei Wei مدير معهد الصين في جامعة فودان يقول فيه: إن النظام الصيني هو نموذج أفضل من النظام الغربي، لأنه بينما تعتمد القيادة الغربية على الاستعراض والتباهي، فإن الصين أسَّست نظاماً يعتمد على الجدارة، «ما يمكن تسميته الاختيار بالإضافة إلى الانتخاب»، واستشهد بهذا على شخصيات القيادة الصينية وخلفياتها، وأن النموذج الصيني نجح كثيراً سياسياً واقتصادياً، حيث رفع مئات الملايين من المواطنين إلى مستويات اقتصادية أعلى، وأن هذا النموذج يُنافس الديمقراطية الغربية التي يقولون: «إنها نظام دولي ليبرالي مبني على قواعد».

ومؤخراً نشر الدكتور توم لونج باحث مكسيكي كتاباً بعنوان: «دليل الدول الصغيرة للتأثير في السياسة العالمية»، يقول فيه: إن الدول الأصغر، بقيادات خلاقة، تستطيع مراراً الدفاع بنجاح عن مصالحها القومية في منافستها تجاه دول أكبر منها، ويسرد عشرين نموذجاً في دراسة لدول حققت ذلك.

النظام العالمي ينهار بصرف النظر اعترف الغرب بذلك أم لم يعترف وعلى دول العالم النامي (ونحن منهم) اختيار الأفضل لشعوبها ومواجهة مخاطر الانهيار الذي يحصل الآن.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store