Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
طارق علي فدعق

بـــي 21

A A
من أهم الأحداث في عالم الطيران خلال هذا الأسبوع؛ هو الإعلان عن طائرة الـ(بي 21) «المُغيرَة» الجديدة بالكامل، وهي الأحدث والأعلى تكلفة في العالم.. وحرف «بي» يرمز إلى أنها قاذفة قنابل إستراتيجية مُصمَّمة للحروب التقليدية والنووية.. ولكن قبل الخوض في تفاصيلها أود أن أستعرض بعض من الخلفيات لإيضاح أهمية الموضوع. في مطلع السبعينيات الميلادية؛ طرحت القوات الجوية الأمريكية منافسة لتصميم طائرة جديدة تتمتع بقدرات عديدة وأهمها التخفي من الرادار.. وفي عالم التنافس تخرج المنتجات بأشكال متشابهة، نظراً للمتطلبات الفنية، ولكن هنا جاءت المفاجأة، حيث خرجت شركة لوكهيد بتصميم المقاتلة الهجومية «صقر الليل 117»، الشهيرة باسم الشبح، وكان تصميمها يتسم بتعدُّد الزوايا الحادة، وكان يختلف تماماً عن قاذفة القنابل الـ(بي 2) «سبيريت»، بمعنى الروح، من شركة «نورثروب»، التي تميزت بالخطوط الناعمة وبدون زوايا حادة.. وكان «جاك نورثروب» مؤسس شركة «نورثروب» من المغرمين بفكرة الجناح الطائر منذ عقد الأربعينيات، ولذا، فلا عجب أن يكون شكل الطائرة كالجناح الطائر بدون أي زوائد أو ملحقات. وكانت الـ(بي 2) هي الأحدث في أسطول القاذفات الأمريكية الذي تقادم متوسط أعمار طائراته ليصل إلى ما يفوق النصف قرن.. وكانت جميع القاذفات الأمريكية من حقبة ما قبل الحاسوب الشخصي، والجوال الذكي، والإنترنت، ولذا، كان من المتوقع أن يتم تحديث الأسطول بطائرات حديثة تتواكب مع متطلبات اليوم.. وأضيف هنا موضوع تصنيف أجيال الطائرات الحربية، فقد تم وضع مجموعة معايير مختلفة من جهاتٍ مختلفة لوصف أجيال الطائرات المقاتلة بدءاً من الجيل الأول، ويصف مرحلة المقاتلات النفَّاثة الأولى بعد الحرب العالمية الثانية في الأربعينيات، ومروراً بالجيل الثاني في حرب كوريا في الخمسينيات، ثم الجيل الثالث مثل «الفانتوم إف 4»، و»الميج 21»، في حرب فيتنام وحروبنا ضد إسرائيل في الستينيات، ثم الجيل الرابع في السبعينيات والثمانينيات، ويطبق على طائرات الأنظمة المتقدمة مثل «الإف 15»، و»التورنيدو»، و»الإف 16»، وأحدث مقاتلات حرب تحرير الكويت الشقيق، ثم الجيل «الرابع والنصف» مثل طائرات «التايفون»، ثم الجيل الخامس مثل «الإف 35».. والفروقات ليست في السرعة، وإنما في القدرات القتالية الأخرى، ومنها التهرُّب من الرادار، والتصويب الدقيق، والملاحة، وتكوين منصات تكاملية مع المنظومة القتالية الكاملة في أي مسرح عمليات عسكرية، سواء كان على الأرض، أو في السماء، أو في الفضاء الخارجي. والطائرة الجديدة الـ(بي 21)، تمثل أولى طائرات الجيل السادس، وتأتي مزودة بأحدث المنصات القتالية في التهرب من الرادار، والتصويب عالي الدقة، وحمل القنابل المختلفة شاملة: «الذكية، والعادية، والنووية».. ولن تطير بسرعات تصل إلى سرعة الصوت، ولكنها تتميز بقدرات الطيران لمسافات طويلة جداً، والدقة في الملاحة والتصويب، والتخفِّي من الرادار، والاعتمادية.. وهذه من المواصفات المطلوبة للتصدي للمخاطر التي تراها أمريكا، وبالذات من نمو الترسانة النووية الصينية. * أمنيــــــــة: تفتخر شركة «نورثروب» المصنعة لطائرة الـ(بي 21)، «المُغيرَة»، أنها لم تتأخر في تسليمها منذ توقيع العقد في عام 2015، وأنها لم تتخطَ التكلفة المنصوص عليها في العقد، وهي ما يُعادل مبلغ «ألفي مليون ريال» للطائرة الواحدة، من مجموع ست طائرات.. مبلغ يكفي لبناء مستشفى محترمة جدا.. ويتبقَّى من التفاريق ما يكفي لبناء جامعة رائعة.. أتمنى أن يدرك العالم مقدار تكاليف الحروب ومردودها الحقيقي على الجميع، والله يقينا شرورها، وهو من وراء القصد.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store