Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاتن محمد حسين

حتى نتلافى العشوائية السياحية!!

A A
‏في تغريدة على تويتر تقول: «تعرُّض سيِّدة مصابة بالسرطان للضرب المبرح من قِبَل سيِّدتين؛ في رحلةٍ سياحية من مكة المكرمة لمحافظة الليث، وشرطة الليث تُحقِّق». ثم قامت السيدة التي تعرَّضت للضرب بالتواصل معي، وشرح مأساتها في رحلةٍ سياحية يُفترض أن تجد فيها المتعة والراحة والعلاج، حيث أبرز الإعلان المرسل: «زيارة المياه الساخنة في الليث للاستفادة من الكبريتيك الموجود بها لعلاج العظام وآلام الظهر وجميع الأمراض، والاستمتاع بحمامات الساونا في الأكواخ الجميلة، ونزول المسابح الجميلة.. كل ذلك بـ 60 ريالاً». كما تم تحديد الموعد ومكان التجمُّع لأهل مكة وأهل جدة والزمن... وغيرها من التفاصيل. ولكن حدث ما لم يكن في الحسبان، إذ تتعرَّض السيدة لمُضايقة من سيِّدتين في الحافلة، وانتهاك لخصوصياتها، بل والتلفُّظ عليها بألفاظٍ جارحة مثل: «طرش البحر»، وحينما دافعت عن نفسها، لم يكن منهما إلا أنهما انهالتا عليها بالضرب بالأحذية، وتطوَّر الوضع حتى أنها رفضت إكمال الرحلة، والنزول عند أقرب مركز شرطة لعمل بلاغ الاعتداء. وهنا تبرز الكثير من الأسئلة الكبيرة منها: أين المُنظِّمين للرحلة من ضبط الوضع وعدم السماح بالتعدِّي على الآخرين؟!، لماذا لم تُوضع تعليمات للرحلة تُنظِّم حقوق السياح، وعدم انتهاك خصوصياتهم؟!، لماذا لم يكن هناك مَن يحل المشكلة بلباقة، وتقديم مثلاً تعويض للشخص الذي انتهكت حقوقه؟!، ولكن ربما العشوائية في التنظيم، وعدم الدراية بالإدارة السياحية، هما السبب وراء هذه القصة التي لم تكن لتحدث لولا عشوائية الأنشطة السياحية، فكل مَن هبّ ودبّ أصبح يُمارس النشاط السياحي، معتبرين أنه مجرد إعلان واستئجار باص وجمع للناس وأموالهم!!. وحقيقةً، هناك الكثير من الحوادث المشابهة التي تحدث، ويكون عدم الإفصاح مصيرها، وهناك النواحي الفنية مثل: تعطُّل الحافلات المتهالكة في منتصف الطريق، كما حدث لي شخصياً في رحلة للمدينة المنورة، وأخذ الطريق أكثر من تسع ساعات لاستبدال الحافلة المتهالكة بأخرى سليمة، ناهيك عن المشكلات التنظيمية الأخرى!!. ولأن السياحة أصبحت عنصراً أساسياً حسب رؤية ٢٠٣٠، فقد أُنشئت وزارة السياحة لتعزيز دور القطاع في الناتج المحلي، وتوفير مصادر دخل أخرى، حيث تتوفَّر لبلادنا مقومات سياحية من مواقع جغرافية، وتراثية، وتاريخية نادرة، لتكون السياحة نفط السعودية القادم. ‏كما قامت الوزارة مؤخراً بإعداد لائحة الإرشاد السياحي، ولكن يبدو أنها غير مطبَّقة حتى الآن، فلا زالت العشوائية من سمات العديد من الأنشطة السياحية، فلا تراخيص يتم الحصول عليها من الوزارة، ولا استلام للأدلة الإرشادية الخاصة التي تضمن المعايير والإرشادات التنظيمية.. ولا تحديد للإجراءات التفصيلية، ولا اتباع لأي ضوابط واشتراطات تضمن جودة الأداء. ‏بل إن (المادة الرابعة) من لائحة الإرشاد السياحي تُحدِّد وجود إرشاد مُتخصِّص، وإرشاد مسار سياحي لمنطقة معتمدة، أو إرشاد لموقع مُحدَّد النطاق، وهذا يعني أن هناك ضوابط حتى للانتقال للأماكن السياحية. كما جاءت المادة الخاصة بشروطٍ لمَن يتقدَّم بطلب الترخيص، ومنها: أن يجتاز الدورات التدريبية، والمقابلات الشخصية التي اعتمدتها الوزارة، وألا يكون عليه ملاحظات أمنية.. وهذه الدورات ملائمة في تطوير المهارات السياحية، وأما المقابلات، فهي تكشف شخصية الفرد، ومدى ملائمته للتنظيم السياحي، وثقافته، ومستوى تفكيره. إن هذه العشوائية في العديد من التنظيمات السياحية تؤدي إلى مشكلات حقيقية كبرى، تُزيد من أعباء المحاكم العدلية والقضاء، فالمشكلة هنا ليس الضرب وحده على مريضة بالسرطان، بل استخدام ألفاظ عنصرية مثل (طرش البحر)، والعقوبة حسب النظام الأساسي لحماية حقوق الإنسان، إما بدفع غرامة مالية لا تقل عن (٥٠٠ ألف ريال)، أو سجن الجاني لمدة تتراوح بين 5- 7 سنوات؛ حيث فُرِضَت هذه العقوبات للحدِّ من مشكلات العنصرية وإثارة التفرقة في المجتمع من أُناس للأسف لا يزالون ينشرون الكراهية في المجتمع، في حين ومنذ توحيد الدولة على يد الباني الملك عبدالعزيز -رحمه الله- قد وحَّد كيان المجتمع، وأزال كافة الفروق التي تؤدي إلى تفكُّك النسيج الاجتماعي. وهنا أرى ضرورة فرض عقوبة على مُنظِّم الرحلة، لأنه لم يستطع حماية أمن الأشخاص المشتركين معه في الرحلة، وحسن إدارتها وتنظيمها الذي يكفل الراحة والخصوصية. نتمنَّى أن نجد تطبيقاً سريعاً للائحة الإرشاد السياحي، حتى نحدُّ من الأنشطة السياحية العشوائية.
contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store