Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
طارق علي فدعق

كومـــــاك 919

A A
تم تسليم أول طائرات «كوماك 919 « الصينية الجديدة بالكامل خلال هذا الشهر لشركة طيران «الصين الشرقية»، وهذه نقطة تحول كبيرة في عالم الطيران المدني. ففي الصين يتفاءلون بالأرقام التي تلفظ ككلمات جميلة، أو كتلك التي تُبشِّر بالخير.

ولفظ الرقم 9 هو «الاستمرارية» أو «الاستدامة» وهو من دلائل الخير.. وكوماك ترمز إلى «الشركة الصينية التجارية للطيران» التي تأسست عام 2008 بهدف صناعة الطائرات التجارية الضخمة في مدينة شنغهاي الصينية.. وتعود ملكية الشركة إلى عدة جهات أهمها الحكومة الوطنية، والحكومة المحلية، ومجموعة شركات صناعية عملاقة.. جدير بالذكر أن هناك أكثر من ستمائة ألف إنسان في الصين يعملون ضمن قطاع صناعة الطيران والفضاء.. وقد دخلت الصين في هذا المجال بجدية، لأن لديها خبرة واسعة بدأتها بتجميع الطائرات الحربية السوفيتية منذ عشرات السنين، وقد طورت تلك الصناعات فبدأت تقتبس وتصمم وتنتج طائراتها الحربية، وبعض من مكونات الطائرات المدنية.. كانت أهم تلك الطائرات في مطلع السبعينيات الميلادية من القرن العشرين بإيحاء من طائرة البوينج 707 التجارية الأمريكية.. ثم قامت بتجميع طائرات «دوجلاس إم دي 80»، و»إم دي 90» الأمريكيتين في الثمانينيات والتسعينيات ضمن عقد شراء تلك الطائرات مع شركة «ماكدونال دوجلاس».. وقامت أيضا بتشييد مصنع تجميع طائرات إيرباص 320 في مصنع مدينة «تيانجن» بترخيص من المجموعة الأوروبية.. وشيدت في نفس المدينة أيضاً مصنع لبعض من مكونات طائرات البوينج من طراز 737 و777 و787.. بالإضافة إلى العديد من الشراكات مع شركات تصنيع الطائرات الرائدة العالمية الأخرى، ومنها «بومباردييه» الكندية، و»إمبراير» البرازيلية، و»سيسنا» الأمريكية، و»يوروكوبتر» الأوروبية.

الشاهد أن الطائرة الجديدة هي نتاج تراكم خبرات كثيرة، واستعداد، وتحالفات قوية، وعلى سبيل المثال فمحركات الطائرة هي نفس محركات الايرباص 320 الجديدة، وأجهزة التحكم، والملاحة، والمضخات، والمكابح، وأجهزة الضغط والغالبية الكبرى من التقنيات الحديثة جداً هي أمريكية أو أوروبية. وحتى شكل الطائرة وحجمها يُوحي لك بأنها «إيرباص» أوروبية، أو «بوينج» أمريكية. طبعاً ستكون الصينية أقل سعراً من منافساتها الأمريكية البوينج 737 ماكس، والأوروبية الإيرباص 320 نيو. ولا يهدف البرنامج الصيني إلى منافسة هاتين الطائرتين حالياً على الساحة الدولية، ولكنه عازماً على منافستهما في الأجواء الصينية، حيث نجد أكبر الأسواق العالمية للطيران التجاري.. وتُقدَّر الطلبات الأولية للطائرة الصينية الجديدة بحوالى ثلاثمائة طائرة، وهذا سيكسر هيمنة الشركات الأجنبية على سوق الطيران التجاري الصيني، وهو أكبر الأسواق عالمياً. تشير التقديرات المهنية إلى أن عدد الركاب يُقدَّر بحوالى 418 مليون شخص، علماً بأن سنوات الوباء منذ 2020 إلى الآن تعتبر سنوات عجاف استثنائية، وبالرغم من ذلك، فلا يزال قطاع الطيران التجاري يُشكِّل أحد أهم دعائم الاقتصاد المحلي والوطني. وقد حظي بمكانة خاصة في الخطة الخمسية الصينية الرابعة عشرة 2021 - 2025.

* أمنيــــــة:

قصة الكوماك 919 تستحق وقفة تأمل، فقد تأخرت في ولادتها، ولكنها فرضت نفسها على واقع الطيران التجاري الصيني. أتمنى أن تنهض صناعة الطيران التجاري في الدول الإسلامية والعربية، علماً بأن لدينا المتطلبات الرئيسة وأهمها العقول القادرة، والخبرات السابقة.. وليس بالضرورة أن تكون في تصنيع طائرات بأكملها، فهناك سلاسل إمدادات هائلة تسمح بالدخول في الصناعة بطرق تتناسب مع القدرات المختلفة بتوفيق الله، وهو من وراء القصد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store