Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د.ساري بن محمد الزهراني

الجُعْل.. والجيفة المعلقة!! (1)

سديم

A A
تأتيني منذ زمن بعيد -وإلى اليوم- رسائل مجهولة أو معروفة، سواءً كانت عبر البريد الإلكتروني، أو عبر أدوات التواصل الاجتماعي، أو من خلال ما ينقله لي مشافهة خُلص الأصدقاء من الإعلاميين والمثقفين، وهذه الرسائل تأخذ مسارين:

المسار الأول: عادة ما تكون تلك الرسائل داخلة في أبواب التعقيب، أو التقريض، أو التعديل، أو النصح، أو المدح والمجاملة الحسنة التي تُقال في كثير من الأحايين، وأصحاب هذه الرسائل يشكرون ويحمدون، شكرين وحمدين متواترين.

أما المسار الثاني: فعادة ما تطفح رسائل هذا النوع بالشتم، والقذف، والاتهام، والفرية المزعومة، والافتراء الكاذب، وأصحاب هذا النوع معرفون بسيماهم وتلونهم، فهم مجانسو هوىً ومصالح، خاصة حينما يكون لما تكتب ضربة لازب فيما يعتقدون، فكل -وأقول كل- ما يقولون به منقوص -غاية النقصان- بمقاييس النقد، وميزان العدل، وحساب النصفة؛ لأنك تستطيع أن تنسف مزاعمهم بكلمتين.

وغالبًا ما تكون رسائل أصحاب المسار الثاني رسائل ذات طابع إنشائي؛ فهي ضعيفة البناء، مفككة العبارة، مرتعشة الصياغة، لا تقوم على اختبار ما أكتبه، بقدر ما تشي بضعف أصحابها لاختلاف الهدف والغاية، خاصة حينما أكتب بعض المقالات ذات العلاقة بالفكر المنحرف، والجماعات التكفيرية والإرهابية، أو بعض المقالات التي تلامس «قراصنة» ما يُسمون أنفسهم إعلاميين، أو من دعيي الثقافة والفكر، وأرباب النقولات في منصات التواصل الاجتماعي.

والحقيقة التي أعرفها من نفسي -معرفة تحقيق لا تقريب- هي أنني -وبعد مراس طويل- عودت نفسي على عدم الاكتراث بما يُقال عني، وتعلمت أن السكوت أبلغ وأنجع في إفحام المفترين من كل مقالٍ أو رد.

ذات مرة، اتهمت بأنني آخذ «جُعْلاً» نظير ما أكتب، وقد جمع صاحب هذه الفرية العديد من المقالات التي كتبتها في شؤون الأدب والفكر والفلسفة، مستنسخًا منها كل ما يخالف ما يعتقده ويؤمن به، فسقطوا كما تسقط الجيفة المعلقة في العراء، وانزووا كما ينزوي الخائب بين الجبال والوديان!!

ومع ذلك فإن الحقيقة تقول: إنني كتبت عن الفلسفة وعلاقتها بالدين، وكتبت عن حضورها في المشهد الثقافي السعودي، وبشرت بها، قبل أن تعلن وزارة التعليم خبر إقرارها في مدارس التعليم، واتهمت حينها بسوء النية، وخُبث المقصد ممن يجهل ماهية الفلسفة ودورها التنويري. وللحديث تتمة...

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store