لدينا في الحي اجتماع شهري، يجمع الجيران وأغلبية كبار السن ممَّن فقدوا كثيراً من حيوية الشباب، ولكن الروح متقدة ويحلو السمر في ليلةٍ من ليالينا الحافلة بكل ما هو جديد، فالكل يدلو بدلوه. لدينا مدير جيِّد للحي، يُضفي عليه الحيوية بالعديد من الابتكارات من شيخ الباحة "عبدالمجيد الغامدي"، الذي عاش منذ طفولته بالمدينة حتى تقاعد.. يتقبَّل النقد مع مستشاره "أبونادر"، الذي عيّنه مدافعاً عنه، يُوجِّه البقية في حديث لا يُمَل، وإن أتى أبوعبدالله "الفاضل ابراهيم الحبيشي"، فاعلم أن السهرة تحفيز وترغيب للمتقاعدين، ممَّن فاتهم ربَّما قطار التعدُّد، كيف لا؛ وهو الذي يملك ثلاث نجمات مثل "ميسي"، ويتطلع لنجمتهِ الرابعة؟!.
أبوعبدالله يُدافع عن وجهة نظره، بأن التعدد له فوائد كثيرة، لعل أبرزها رؤية الناس لك كبطل في حيِّك، أو في بشكتك، أو بين الجبناء من أقرانك الذين يملكون نجمةً واحدة.
ويمضي الاجتماع الشهري بين آهات المتقاعدين ورغبة العاملين بأن يمتلكوا شيئاً من شجاعة أبي عبدالله.. ولكن تمر تلك الليلة بأحلامٍ سعيدة للبعض، أو كوابيس للبعض الآخر، ربما ترى آثارها عليهم في صلاة الفجر.
كنت أعتقد أننا فقط من لدينا في اجتماعنا مَن يجعل التعدد عنواناً، ولكن عند استضافي من قِبَل أحد زملائي وهو العزيز "عبدالعزيز الفنيطل" بالزلفي، وأيضا باجتماعهم الأسبوعي، فوجدتُ أن التعدد حديث مجلسهم أيضاً، خاصة أن أحدهم قد تزوَّج بدون علم أم عياله، فكانت ليلة على رأس العريس، كُلٌّ يبحث له عن حل في كيفية إيصال العِلْم لأم عياله التي لديها إحساس بما فعل، ولكنها تريد الواقع والحقيقة منه، لتعرف كيف تضع حداً أو ربما حلاً يُرضي الطرفين.
دعاة التعدد، إما أنهم في حياةٍ سعيدة، ويريدون إسعاد أصدقائهم، أو أنهم في جحيم المشاكل، ويريدون إشغال الكل معهم، وعلى طريقة لا أحد يدري -عند أبي عزام وربعه بالزلفي- عن عرس خوينا، حتى لا يصل العِلم لأم عياله، قبل إيجاد الحلول لصديقنا الشجاع الذي لا تكتمل شجاعته إلا بعلم أم (......)، ودِّي أقول، بس قالوا: "لا أحد يدري"!.
تبغون رأيي، لا أحد يعلّم "أم خالد" بمقالي هذا، فربما تفركش كل اجتماعات الجيران الشهرية، وتُغلق باب استراحتنا للأبد أمام أفكار أبي عبدالله المتعددة.
* خاتمة:
يا ترى، المتقاعدات بإيش يحكون، ولَّا ما يقدرون يتحرَّكون؟!!.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
