Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
أ.د. صالح عبدالعزيز الكريّم

هل «الديتوكس» حقيقيًا؟!

A A
شاع بين الناس مصطلح الديتوكس Detox الذي يعني «إزالة السموم» من الجسم إما عبر رجيم معين أو عبر مواد غذائية تصنف أنها مواد ديتوكس، وعندما تذهب لشرائها يشرح لك البائع أن هذه المادة أو هذا الغذاء ديتوكس (مزيلا للسموم)، وهناك من بالغ فجعل ديتوكس للشعر وديتوكس للتنحيف وديتوكس لتنظيف البشرة وديتوكس أخضر وديتوكس تخسيس وديتوكس نفسي وديتوكس قلبي فما حقيقة هذا الكلام من الناحية البيولوجية والعلمية؟

بصراحة وبكل تأكيد بيولوجي وعلمي ليس هناك مادة بعينها أو غذاء بعينه تدخل أو يدخل الجسم تستهدف الخلايا ثم تعمل كمكنسة شفط لإزالة السموم عنها، فهذه في الحقيقة ليست إلا مهمة أجهزة بيولوجية في جسم الإنسان أهمها الكبد والكلى، فقد حباها الله سبحانه وتعالى وظيفة ومهمة تصفية الجسم من الأضرار والزوائد الضارة التي تدخل الجسم وبالتالي من يبيع أغذية أو مواد يدعي أنها تمتص السموم فهو يبيع وهم علمي يستهدف الترويج لبضاعته، وفرق بين أن نقول أن الغذاء الصحي والرياضة البدنية والنوم المبكر والعلاقة الاجتماعية الناجحة والاستمتاع بالحياة والبعد عن شقاء النفس كلها تعمل على صحة وعافية الأجهزة البيولوجية بما في ذلك الكبد والكلى والقلب والدماغ بل كل خلية في الجسم فتؤدي كل خلية وظيفتها كما ينبغي والتي من بينها التخلص من المواد الضارة ما أمكن وبين أن نقول أن المادة الفلانية ديتوكس.

إن أي مادة سامة إذا دخلت الجسم وتراكمت في الخلايا فإنه يصعب التخلص منها بل أول ما يعاني منها الكبد والكلى وهما المنظفان الأساسيان في الجسم وبالتالي ستصاب خلايا الجسم بالأضرار والتسمم وقد يموت صاحبها إذا زاد تراكمها في الأجهزة البيولوجية خاصة في حالة فشل الكبد والكلى في أداء وظيفتهما التي خلقها الله سبحانه وتعالى فيهما.

إن الخلايا الدموية الحمراء وظيفتها كما هو معروف توصيل الغذاء والأكسجين لجميع الخلايا ونقل الفضلات الخلوية وغاز ثاني أكسيد الكربون عنها وتعمل الأجهزة البيولوجية خاصة الكبد والكلى على تحرير الجسم من تلك التراكمات الضارة لكن في حالة زيادتها فإن تلك الأجهزة نفسها تتضرر ويتعطل عملها لذلك فان الديتوكس الحقيقي هو عدم الإضرار بتلك الأجهزة بتغذيتها بما يضرها من مواد وأغذية غير صحية من خلال التنوع الغذائي الطبيعي، والمفروض العمل على تغذية الخلايا عمومًا بما يمنحها مزيدًا من الصحة والعافية وأن يكون الحرص على الغذاء الصحي لجميع خلايا الجسم حيث كل خلية مسؤولة عن إبعاد وإزالة الضرر عن نفسها.

إن المكملات الغذائية الصناعية مهما منحت من وصف إيجابي كأن توصف بأنها مزيلة للسموم (ديتوكس) وإن لها بعض المنافع والفوائد فإنها مع تراكماتها قد يكون لها أضرارها، فهناك أنواع من الرجيم مهما كان له قدرة على تخفيض الوزن إلا أنه قد يتسبب بأضرار بيولوجية لبعض الأجهزة، وكذلك أي ديتوكس نفسي بعيدًا عن متطلبات الروح والنفس والقلب قد يكون له أضراره، وهكذا فإن وصف الديتوكس مبالغ فيه وهو ليس إلا ترويج لبيع مواد وأغذية بعينها يتحقق عنها أرباح فقط دون أن يكون لها علاقة مباشرة بإزالة السموم عن الخلايا.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store