Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محسن علي السهيمي

خليجيًّا.. إيران تستكمل مهمة صدام!

A A
بدءًا.. أقترح أن يُطلق على دول (مجلس التعاون لدول الخليج العربية) مسمى (مجلس التعاون لدول الجزيرة العربية)؛ كون دول المجلس تقع جميعُها داخل الإطار الجغرافي المعروف جيوسياسيًّا بـ(الجزيرة العربية)، وكون مصطلح الجزيرة العربية - كما يرى الدكتور خالد الدخيل- له إرثه التاريخي والحضاري مثله مثل مصطلحات (بلاد الرافدين ووادي النيل وبلاد الشام)؛ وكون الحاجة لبقاء هذا المصطلح تُعد في حُكم الضرورة؛ لما يحمله من دِلالات وحمولات بالغة الأهمية. دول مجلس التعاون ظلَّت تحظى - ظاهريًّا- بالمحبة والتقدير والاحتفاء من شقيقاتها الدول العربية حتى سنة (١٩٩٠م) عندما حوَّل الرئيس العراقي صدام حسين مسار التاريخ؛ ففاجأ العالَم باحتلاله دولة الكويت التي هي شقيقة العراق في الدين واللغة والدم، وتشترك معه في الحدود، ولها مواقفها المشهودة معه.

الشاهد هنا ليس في احتلال صدام الكويتَ؛ وإنما في موقف (بعض) الدول العربية التي خلعت عباءات التقية؛ فكفرت بالأيدي التي امتدت لها سنين عددًا وهي تحمل المحبة والسلام والمعونة والدعم بكل ألوانه وصوره.

احتلال صدام للكويت كان نقطة تحول تاريخية في مسار العلاقات بين دول المجلس وبعض الدول العربية؛ ذلك أن الاحتلال كشف الأقنعة (الزائفة) عن بعض السياسات والوجوه، وأظهر النوايا المبيتة ضد دول المجلس على حقيقتها، وكان نقطة فاصلة بين مرحلتين؛ مرحلة مرت وكانت تتدثر بالمجاملات ومعسول الكلام، ولم تكن الوجوه بادية على حقيقتها، ولم تظهر النوايا على طبيعتها، ومرحلة تكشَّفت فيها النوايا وأظهرت كل دولة موقفها من احتلال الكويت ومن دول المجلس، فكانت تلك مرحلة من مراحل التاريخ المؤلمة بحق دول المجلس؛ ألقت بظلالها القاتمة على العالم العربي، وما تزال آثارها باقية حتى اليوم.

الربط في العنوان أعلاه بين صدام وإيران لم يأتِ اعتباطًا؛ وإنما لأن هناك خيطًا يربط بين احتلال صدام الكويت وممارسات إيران وأحزابها اليوم مع دول المجلس؛ إذ إن صدام باحتلاله الكويت أخرج الأفاعي من جحورها، ولم تكد تلك الأفاعي تعود لجحورها حتى مكَّن المحتلُّ الأمريكي لإيران في العراق لتبدأ في التصدير الحقيقي لثورتها المزعومة، فانطلقت إلى عدة دول عربية فاحتلت عواصمها، والأدهى أنها احتلت -فكريًّا- عقول قادة تلك الدول وبعض مواطنيها، وهي التي ما كان لها أن تدخل تلك الدول العربية لولا (الفراغ السياسي وضعف قيادات تلك الدول) الذي استغلته إيران لتضع لها أقدامًا ممثلة في (أحزابها وأتباعها والموالين لها) الذين يقومون مقامها وينفذون أجندتها بحق دول المجلس وشعوبها.

الموضوع الأهم في هذا التمدد الإيراني هو أن تلك الدول العربية (قادةً وشعوبًا) عادت لما كانت عليه أثناء احتلال صدام للكويت، لكن بشكل أكبر وصوت أظهر؛ فتكشَّف الانحياز التام لإيران وسياسات ملاليها، وظهرت العداوة بكل جلاء تجاه دول المجلس، وظهر النكران لكل يد خليجية امتدت لها بالدعم والتنمية. على هذا فقد جاءت إيران لتستكمل مهمة صدام (التي لم تكن هي مقصوده الأول من احتلاله الكويت)؛ حينما كشف نوايا بعض الدول العربية تجاه دول المجلس، ومرة أخرى ظهرت تلك الدول على حقيقتها وكشفت أقنعتها بشكل جليٍّ لا يحتمل الشك والتأويل، وجاهرت بكراهيتها لدول المجلس علانية وبكل وضوح، وصفقت لكل مكيدة وضرر تُلحقه إيران بها.

الأمر الذي ينبغي التأكيد عليه هو أن شعوب تلك الدول ليسوا سواءً، وأن فيهم الكثير ممن يحفظ الجميل لدول المجلس ويحمل لشعوبها وقادتها كل ود ووفاء، ولكنهم وقعوا بين مطرقة قيادات هشة سلمت قيادها لإيران، وسندان أحزاب مدعومة ومتنفذة موالية لإيران.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store