Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عدنان كامل صلاح

أزمة (أداني).. وموقع الهند العالمي

A A
كانت مفاجأة ما فعله تقرير نشرته شركة استثمار وأبحاث صغيرة من نيويورك اسمها «هندنبرج ريسرش»، (هندنبرج للأبحاث)، عن العملاق المالي الهندي مجموعة أداني، متهمة فيها البليونير جوثام أداني، بأنه قام بعمليات احتيال بضخ أموال عبر ملاذات ضريبية خارج البلاد، لهدف رفع قيمة أسهمه في سوق المال. نُشِر التقرير يوم 24 يناير، وخلال حوالى عشرة أيام فقدت مجموعة أداني مائة بليون دولار من قيمتها السوقية، كما ذكرت وكالة رويترز.

كانت المجموعة على وشك بيع أسهم جديدة بمليارين وخمسمائة مليون دولار. اكتتب في معظمها جهات مالية مهمة، من الهند وخارج الهند، ولكنها توقفت عن ذلك ونشرت رداً في أكثر من أربعمائة صفحة تفند فيه ما جاء به الباحث الأمريكي.. معتبرة أن ما نُشر من ادعاءات غير صحيح. وبرزت مخاوف في الهند من أن تُصاب السوق المالية بالعدوى نتيجة لسقوط أسهم مجموعة أداني، وتبدأ انهيارات مالية في الأسواق. إلا أن هناك تفاؤلاً بأن لا تنهار مجموعة أداني ولا أن ينهار السوق المالي الهندي، حيث إن هناك شركات حكومية هندية مشاركة فيها، وكذلك شركات أجنبية كبرى مثل توتال الفرنسية، وافتتح أداني الأسبوع الماضي مشروعاً ضخماً لميناء في إسرائيل.

إلا أن انهيار أسهم مجموعة أداني في السوق المالية أثار جدلاً سياسياً شديداً، ودارت مساجلات في مجلسي البرلمان الهندي، أدى إلى تأجيل اجتماعات المجلسين يوم الجمعة الماضي. ومما أثار هذا الجدل السياسي الكبير؛ ارتباط أداني ومجموعته المالية برئيس الوزراء مودي، حيث تربط الاثنين صداقة منذ أمد طويل، وقام أداني بتمويل حملات نيابية لصديقه مودي، وعدد من أعضاء البرلمان، من الحزب الحاكم. ويعتبر عدد من السياسيين الهنود أن أداني مدين أيضاً بثروته إلى رئيس الوزراء مودي. وتقول النيويورك تايمز الأمريكية أن أسهم مجموعة أداني ارتفعت 2500 بالمائة خلال خمس سنوات.

وتمتد العلاقة الوثيقة بين أداني (يبلغ 60 سنة) ومودي (عمره 72 سنة) منذ عام 2002، حيث بدأت اضطرابات بين المسلمين والهندوك في ولاية جوجارات، التي كان مودي رئيساً لوزرائها وأداني من مواطنيها، وأسس أعماله فيها، وقتل في تلك الاضطرابات حوالى ألف شخص أغلبهم من المسلمين، وأساءت تلك الاضطرابات وما دار فيها إلى سمعة رئيس وزراء الولاية مودي. إلا أن أداني جمع رجال الأعمال من الولاية وخارجها وأخذ ينفذ مشاريع في الولاية بمباركة رئيس الوزراء ونجحت هذه المشاريع واستفادت سمعة مودي منها. وعند فوزه برئاسة الوزراء الهندية عام 2014 طار مودي إلى العاصمة، نيودلهي، على الطائرة الخاصة لأداني، الذي أخذت أسهمه ترتفع بمباركة من أصدقائه في الحكومة الهندية الجديدة.

وحتى الآن لا تبدو هناك مؤشرات على أن رئيس الوزراء الهندي قد يتأثر بما يحدث في سوق المال، ولا أن يؤدي ما حدث لمجموعة أداني إلى انهيار المجموعة أو سوق المال. لكن هناك ناحية دولية لهذا الأمر، حيث اعتبرت المجموعة أن ما حدث لها هو «هجوم مقصود على الهند»، نظراً لأن التوقعات تشير إلى أن سقوط أداني (إذا حدث) سيُؤثِّر على فكرة أن الهند يمكن أن تكون محرك نمو الاقتصاد العالمي، كما يُكرِّر قوله سياسيون ورجال اقتصاد أوروبيون وأمريكيون وآسيويون. علماً بأن السياسة الخارجية الأمريكية بحاجة إلى عملاق، مثل الهند، يكون في صفها مع حرب أوكرانيا – روسيا، والمنافسة المعلنة المتصاعدة مع الصين.

وتجد الهند نفسها في مأزق، وعلاقتها مع الصين وروسيا والولايات المتحدة تخدم مجموعة من الأهداف الإستراتيجية المتناقضة أحياناً لدعم أهدافها كدولة طموحة. وتواصل الهند التعامل مع كل من الصين وروسيا تجارياً في وجه معارضة أمريكية لذلك عبر التهديد بالمقاطعة الاقتصادية، وتشعر الهند بالضيق أمام هذا الضغط المتواصل. لذا أخذت موجة الشائعات تتصاعد في الهند لدى بعض الجهات التي تؤمن بنظرية المؤامرة، متسائلة ما إذا كان تقرير «هندنبرج ريسرش» ليس سوى (قرصة أذن) لرئيس الوزراء الهندي المتمادي في تحدي الغرب؟!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store