Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاتن محمد حسين

سكن الحجاج.. الجودة وتحديات البيئة

A A
‏برعاية كريمة من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز- يحفظه الله- وتحت شعار (نحو تجربة متميزة لضيوف الرحمن)، انطلق مؤخرًا الملتقى العلمي الثاني والعشرون؛ الذي نظمه معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج والعمرة بجامعة أم القرى، وتم افتتاح الملتقى من سمو أمير منطقة مكة المكرمة الأمير خالد الفيصل الذي أعطى الملتقى زخماً كبيراً، وحضره أكثر من 40 جهة أكاديمية، وحكومية، ومن القطاع الخاص، وتم اختيار 88 بحثاً ما بين أوراق علمية وأوراق عمل؛ وكل ذلك يأتي نظراً لاهتمام القيادة الحكيمة بالعلم لمساندة خطط الحج، ولكل ما يُحقِّق الراحة والطمأنينة لضيوف الرحمن.

ويهدف الملتقى من تلك الدراسات إلى دعم متخذي القرار بالأفكار العلمية التي من شأنها تحسين الخدمات، واطلاعهم على أهم المبادرات ونتائج البحوث؛ لتعميق الفهم لديهم للارتقاء بتجربة ضيف الرحمن في كافة مراحل الرحلة.

‏والملاحظ على أوراق العمل؛ انتقالها إلى مستويات عليا في الخدمات لمواكبة مستجدات العصر وتحديات البيئة؛ حيث شملت المحاور: ثقافة تجربة الضيف، والحوكمة والتميُّز المؤسِّسي، ثم كفاءة وجودة الخدمة؛ فلم تعد أساسيات الخدمة هي المعيار، ولكن الوصول للجودة والتميُّز المؤسسي بات مطلباً ملحاً.

‏وبالرغم من اشتمال الجلسات على أكثر من 24 جلسة علمية وورقة عمل، إلا أن هناك الكثير من الملصقات العلمية القيّمة التي لم تأخذ حظها في الظهور - حتماً لضيق الوقت - ولكنني بحمد لله حظَيتُ بالسجل العلمي الإلكتروني، وكان ذاخراً بأوراق علمية رائعة لفتت انتباهي كأحد المهتمين بشؤون الحج.

‏وسأتحدث اليوم عن واحدة من أهم تلك الدراسات وهي بعنوان: (استخدام البيوفيليا في التصميم الداخلي للمباني الحالية لإسكان الحجاج والمعتمرين لتحسين تجربة ضيوف الرحمن في قطاع الإيواء - إسكان الحجاج بمشعر منى نموذجاَ)، وقامت بها الباحثتان: (رؤى بسام مشاط، وفريدة محسن المرحم).

ونظراً لأن سكن الحجاج والمعتمرين في مكة المكرمة والمدينة المنورة يواجه بعض التحديات، وضرورة وضع حلول علمية مبتكرة حفاظاً على صحتهم وسلامتهم، جاءت هذه الدراسة لتؤكد على: أن معظم ضيوف الرحمن يقضون حوالى 70 إلى 90٪ من أوقاتهم في بنايات داخلية، وأن خطر الملوثات الداخلية تزداد خطورة لكونها مغلقة لمدة قد تصل إلى 11 شهراً كل عام، وأن الملوثات الداخلية تُسبِّب بعض الأعراض الفسيولوجية والسيكولوجية، مثل التوتر، والقلق، والعصبية، والصداع، والزغللة، وهذه تُسمَّى بمتلازمة المباني المريضة Sick Building Syndrome.

وحقيقةً، إذا أردنا الانتقال من واجب تقديم الخدمة إلى الجودة والتميُّز، وهو ما يسعى إليه برنامج خدمة ضيوف الرحمن، وهو أحد برامج رؤية ٢٠٣٠، فإن تجويد خدمات السكن من بين أهم الأولويات.

ونظراً لإعلان وزارة الحج والعمرة في مطلع شهر رجب عن بدء استقبال طلبات تصاريح المباني المعدة للسكن لضيوف الرحمن؛ القادمين من داخل وخارج المملكة لموسم حج ١٤٤٤هـ؛ حيث دعت لجنة إسكان الحجاج بالعاصمة المقدسة عموم ملاك ومستثمري المباني بسرعة التوجُّه للمكاتب الهندسية المعتمدة للكشف عن مساكن الحجاج، والبدء في استخراج التصاريح والتراخيص اللازمة، وعادةً ما تتألف اللجنة من عدة جهات منها: إمارة منطقة مكة المكرمة، والدفاع المدني، ووزارة الحج والعمرة، ووزارة الداخلية، للتأكُّد من سلامة المباني من النواحي الإنشائية، وكذلك توفُّر وسائل السلامة؛ كسلالم الطوارئ، وأجهزة الكشف عن الدخان، وأجهزة الرش الآلي، ومضخات الماء، ومضخات الرش المتنقلة.. وغيرها.

ومن وجهة نظري لابد أن يشمل الكشف صلاحية الأثاث، ونظافة السجاد والفرش، والبرادات، وسلامة دورات المياه والصرف الصحي.. وغيرها من الأمور؛ خاصة في فنادق (٣- ٤ نجوم)، وكذلك في الشقق السكنية.. وذلك قبل إعطاء التصريح، لأنه إذا جاء الموسم وبدأت الوفود في الوصول - وهم بمئات الآلاف يومياً - يصعب تدارك هذه الأمور من شركات الطوافة، وهي المسؤولة عن الحجاج في مكة، حيث التحدي الزمني يقف حجرة عثرة أمام إصلاح المشكلات العميقة.

أعود للدراسة القيمة، فإن مشكلة الدراسة تفترض معاناة المباني في إسكان الحجاج من تدنٍ في البيئة الداخلية، بسبب عدم توظيف أسس وعناصر التصميم الداخلي للفراغات بصورة مثلى، وأهمية استخدام (التصميم البيوفيلي) لتحسين بيئة إسكان الحجاج والمعتمرين للحدِّ من تلوث الهواء، وتعزيز العواطف الإيجابية، وحماية صحة وسلامة الحجاج.. وللحديث صلة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store