Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد المرواني

تجارة الدم!!

A A
لا صوت يعلو على صوت النخوة والتذكير بها وبالقبيلة؛ وشحذ الهمم، وإقامة حفلات الخطابة، وكلٌّ يبحث عن إنقاذ ابن قبيلته بعد أن قام بفعلٍ خاطئ ودخل الشيطان في دمه ليفعل فعلته؛ وهو بعيد عن العقل والتعقُّل.

وفي الغالب أغلب قضايا الدم تقع من شابٍ طائش نسى نفسه في لحظة غضب، القتل مُحرَّم ومُجرَّم منذ خلق الله آدم، وقَتل قابيل لأخيه هابيل، كأول جريمة قتل بالإنسانية.. (فَطَوَّعَتْ لَهُ نَفْسُهُ قَتْلَ أَخِيهِ فَقَتَلَهُ فَأَصْبَحَ مِنَ الْخَاسِرِينَ).

النصوص الشرعية حدَّدت العقوبات، (ولكم في القصاص حياة يا أولي الألباب).. وأيضاً (فمن عفا وأصلح فأجره على الله).. وأخذ الدية حقٌّ مشروع لأهل المقتول.

قبل عشرين عاماً أو أكثر أو أقل، كانت العقول نيرة، والأمور مُبسَّطة، وبالجاه أحياناً كانت تُحل بعض قضايا الدم؛ مع دفع الدية لأهل المقتول مقترنة ببعض الشروط المعقولة، كإجلاء أسرة القاتل أو القاتل نفسه خارج نطاق مدينته، لإبعاده ربما عن أهل الدم، لكي لا تحدث مشكلة أو دم آخر.

والبعض يعفو من تلقاء نفسه، ابتغاء مرضاة الله، وأجره الكبير، المرتبط بقوله تعالى: (فمن عفا وأصلح فأجره على الله).

ولكن ما سر ارتفاع الديَّات في الآونة الأخيرة؟، ولماذا لا يكون هناك قانون مُلزم وتحديد سقف ربَّما أعلى قليلاً من المتعارف عليه، لتطييب خاطر أهل المقتول، وربما بالمبلغ يقومون بعملٍ صالح لابنهم أو أباهم.

هل لوسائل التواصل الحديثة دور في ذلك؟.. هل الهياط والحفلات كأحد أساليب جمع الديَّات مقبول؟.. هل صحيح أن هناك سماسرة للدم بين أهل القتيل والقاتل بنسبٍ معينة؟.. هل تحوَّل الدم لعقار يأخذ المُسوِّق له نسبته؟!.

قبل عام أو أكثر سمعنا وشاهدنا اتفاقيات في السوشيال ميديا على تحديد سقف للديَّات لدى بعض القبائل، ولكن مع الأسف هي اتفاقيات عشاء وشيء من الإعلام، ومن قام بعقدها هم أول من خرقها.

للقبيلة دور هام في التكاتف على أمور الحياة، وهذا شيء محمود، وهناك فرق بأن تُدفَع الديَّة وفقاً للشرع، أو يكون مغالىً فيها إلى حد لا يطيقه أي إنسان، وهناك شيء مقدور عليه، وشيء فوق الإعجاز فيلجأ أهل القاتل للمحسنين، ولكن أحيانًا تقع قضية دم بين أبناء عمومة، وتقع الفأس في الرأس، كما يقول المثل، فتتفرق الآراء، وتقف عقول العقلاء، وتدخل حمية الجاهلية، أنا وأخي على ابن عمي!!، والغريب في هذه الحالة؛ إحجام العقلاء من الجماعة بحجة أنهم أهل دم!!.

وأخيراً، إن جاز لي أن أقترح، فإنني أتمنى من أمارات المناطق، فتح حسابات رسمية لجمع الديَّات المطلوبة رسمياً.. وما دام أهل الدم وافقوا رسمياً على التنازل مقابل المال، لماذا لا يكون هناك قانون ملزم بحد أدنى وأعلى مقبول للدية، مما يقضي على شبهات السمسرة، واستفادة أي أطراف أخرى من قيمة دم ليس لهم به صلة.

* خاتمة:

عندما تكون شيخاً أو لك قيمتك عند ربعك، فتدخُّلك واجب ولو كنت صاحب دم.

يقول الشاعر:

فتى يَحمِلُ الأعباءَ، لَو كانَ غَيرُهُ

من النّاسِ لمْ ينهضْ بها متماسكا!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store