Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. أيمن بدر كريّم

تساؤلات مربكة

A A
- لماذا يحرص بعض الناس على إظهار تديّنهم إلكترونياً بصورة منتظمة؟!.. لأن مشاركتهم الافتراضية من الناحية النفسية، قد تعفيهم من تأنيب الضمير، وتُوفِّر لهم قدْرًا من الأمان العاطفي بأنّهم مُلتزمون دينياً، وقد يُغطّي ذلك على سلوكيات مُتناقضة لديهم، وبهذا يرون في التديّن الرّقمي طقوساً دينية تكميليةً ضرورية.

- لماذا لا يفيد الوعظ الدّيني التقليدي في تغيير سلوكِ الإنسان وأخلاقه إلا نادراً؟!.. لأن الوعظَ الدّيني أمرٌ مثاليٌّ عاطفيٌّ.. والسُّلوك الإنساني أمرٌ واقعيٌّ نفعيٌّ.. وكلّما ابتعد المثالي عن الواقعي، كانت فائدته أقلَّ وضررُه أكبر!.

- لماذا يتجنّب أحدهم ضروب المعرفة ومسالك الحقيقة؟!.. لأنّ حياته بمُجملها قائمةٌ على أوهامٍ فكريّة ومرويّات أسطورية، وكينونته نفسُها مبنيةٌ على انطباعات خاطئة وجَهالات خادعة، فالاقتراب من أطراف الحقيقة يهزّ كيانه ويتسبّب له في غياب الطُّمأنينة النفسية، والإصابةِ باضطراب فكري لا يمكنه احتماله.

- لماذا حارب الجُهلاء والمتشدِّدون الفلسفةَ والمنطق؟!.. لأنها ببساطةٍ وصراحة، تدعو للشكّ في الثقافات السّائدة ورفض التنميطِ والرّتابة، وتُكرّس التفكير غير المؤطّر ومناقشةَ جميع الرؤى ونقدها، وطرح التساؤلات الحيوية المُزعجة، ورفض تقديس الأشخاص مهما بلغت أهمّيتهم، وارتقى علمهم، وتعمّقت معرفتهم.

- لماذا العُزلة؟!.. لأنّ العزلة مرتبطةٌ بالإبداع والثّراء والامتلاء والسّكينة.. ولكن، لماذا لا تصلُح العزلة لكثيرٍ من الناس؟!.. لأنهم يفتقدون القدرةَ النفسية والمَلكة العقليةَ المُناسبة للاستفادة من عُزلتهم.. فالعُزلة تستدعي القدرةَ على الاستغناءِ والتخلّي والتأمّل، وفنّ الانشغال بالهواياتِ وتنمية المَلَكات.. وهو ما يفتقرُ إليه كثيرٌ من الناس العاديين.

- سيحزنونَ لموتك، وجميعهم -غالبًا- سيتأسّفون على فقدك، وقد يُظهر أحدهم حُزنه بدمعة أو اثنتين، أو تجاوز وجبةَ الغداء، لكنه حتماً لن يتجاوز وجبة العَشاء!.. وهنا أتساءل: بماذا يُفيدك شخصياً حبُّ الآخرين لك بعد موتك؟!. بماذا يضرُّك -أو يفيدك- إن ذكركَ الناس أم لم يذكروكَ بعد فنائك وانقضاءِ عملك وانطفاءِ وعيك؟!.

- أسئلةٌ فلسفيةٌ واقعيةٌ، غاية في الإزعاج والإرباك، يفكّر فيها كثيرون لكنّهم يخجَلون من طرحها: لماذا نعيش وكيف نحيا؟! كيف يمكن تبريرُ القتل والكوارث والظُّلم والشّرور والشّقاء الإنساني؟!..

لماذا نموتُ ميتة الغُرباء بعد معاناةٍ فظيعةٍ في حياةٍ قصيرة، حتى قبل أن نفهم ابتداءً كيف نعيش؟!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store