Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد بشير كردي

سرد تاريخ لتقرير واقع

A A
للأندلس عبق وأريج يميزها عن غيرها من محافظات إسبانيا اليوم.. وبعودة إلى تاريخها المسلم الذي دام قرابة تسعة قرون، ليقضي عليها ملك إسبانيا الكاثوليكي فرناندو الثاني والملكة إيزابيلا الأولى عام 1492 بما أطلق عليها (حرب الاسترداد)، وخروج أبوعبدالله الصغير؛ آخر حكامها المسلمين من غرناطة بعد تنازله عن عرش ورثه لم يحافظ عليه.

لم يبق للمسلمين اليوم في الأندلس إلا أطلال لمدن سادت ثم بادت، ومنها مدينة الزهراء التي تستقطب علماء التاريخ ومنقبين عن الآثار، يجمعون من البوائد ما تناثر من حجارة وبقايا أعمدة في أرجائها ومحيطها.

في مسعى لتخيل أبُّهة قصر الخليفة، طالما أمَّه ملوك أوروبا طلبًا لرضى الخليفة.. دأب صاحبه على إرسال وفده لاستقبالهم عند اقترابهم من الزهراء، يتجَّولون بهم في شوارع المدينة بديعة التصميم، وفي أسواقها المزدحمة بمحالها واكتظاظ المارة حتى الوصول إلى قصر الخليفة حيث جوقة حرس لاستقبالهم.. وعلى عزف الموسيقى يتتابع دخول الوافدين الرسميين وعلماء وأدباء قاعة العرش التي لا مثيل لها بناءً وكسوة وأثاثًا.. والخليفة مقابلهم متربِّع على عرشه مستمعًا ومجيبًا، حتى يودعوا بمثل ما استقبلوا به.. وما أشقَّ على النفس من سرد تاريخ ليته لم يكن!

وصدق ابن زيدون وهو يذكِّرنا وفي الصدر حُرقة وفي الحلق غصَّة:

إِنِّي ذكرْتُكِ بالزٍّهْرَاءِ مُشْتاقًاوَالأُفقُ طًلقٌ ومرْأى الأَرضِ قًد راقَاوَللنَّسيمِ اعْتِلالٌ في أًصائِلِهِكَأنَّهُ رَقَّ لي فَاعْتَلّ إشْفَاقَاوَالرَّوضُ عَن مائِه الفضٍّيٍّ مبتَسمٌكمَا شقَقْتَ عًنِ اللَّبَّاتِ أَطْواقَا

وتلك هي الدنيا لمن تفوته ساعة مندم.. فها نحن ما نزال مستمرِّين في الندب والحزن على ضياع الأندلس، غير معتبرين من الماضي، وعلى ما يبدو من واقع الحال.. وليس هذا غريبًا على من يهن الهوان عليه! فما فلسطين؛: (أندلس الواقع والحال) إلَّا نذير بلاء..، باستيلاء شذَّاذ الآفاق عليها واحتلالها، وإقامة دولة لصوص مارقة فوق ثراها الطاهر تعبث بأمن المشرق العربي بدعم من الإمبراطورية التي كانت لا تغيب عنها ليستمر نهب الشعوب والسيطرةعلى أسواق التجارة العالمية ونهب ثروات الأمة العربية.

وعلى ما في ذلك من يأس وإحباط، ما يزال نبراس الأمل وتغيير الحال وإحقاق الحق مادام في الأمة رجالٌ صدقوا ما عاهدو اللّه عليه.. وقد قيَّض الله لنا في مملكة الحق والبر والعطاء منذ عهد الملك المؤسس -طيب الله ثراه- ومن بعده أنجاله الملوك البررة، وخدَّام الحرمين الشريفين مؤيدين من بعد الله بإجماع شعبنا للسعي لإحقاق حق الشعب الفلسطيني مهما عتا الباطل.

وتواصل المملكة العربية السعودية ملكًا وحكومة وشعبًا دعم الشعب الفلسطيني وإمداده بالغالي ليحرر وطنه المسلوب، وتدعو المجتمع الدولي ومؤسساته لإرغام المحتل تنفيذ قرارات الأمم المتحدة، والامتثال لحلِّ الدولتين وإقامة الدولة الفلسطينيّة على حدود عام 1967، وعاصمتها القدس الشرقية.. وحقًّا (لا يضيع حقٌّ وراءه مطالب).

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store