Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. علي آل شرمة

ذكرى التأسيس فرصة لإظهار الولاء والانتماء

A A
تحتفل المملكة العربية السعودية في هذا اليوم التاريخي بمناسبة عزيزة على قلوب أبنائها الذين تمتلئ نفوسهم بمشاعر العزة والفخار وهم يعيشون هذه اللحظات الاستثنائية، ويتأملون التضحيات الهائلة التي قدمها قادتهم قبل ما يزيد على 300 عام لأجل تأسيس هذه الدولة الفتية التي نفخر جميعًا بالانتماء إليها ونرفع رؤوسنا لنزاحم بها السحب وقمم الجبال.. هذا الوطن الذي يقطع في كل يوم أشواطًا إضافية في طريق النهضة والتطور والنماء.

ويكتسب الاحتفال بهذه المناسبة أهمية كبرى لأنها تجسد قيمة تاريخية رفيعة، فالاهتمام بالماضي هو جزء من مساعينا في الحاضر نحو ترقية واقعنا وتطوير حياتنا، كما أنه جزء أصيل من استشرافنا للمستقبل وجهودنا المتواصلة لضمان حياة أفضل لأجيالنا المقبلة التي حتما سوف يزداد ولاؤها لهذه البلاد وهم يحتفلون بتاريخها العريق ويستلهمون المعاني العظيمة لهذا اليوم ويستعيدون الجهود الضخمة التي قام بها أسلافهم في مراحل بناء الدولة.

لم يكن يوم الثاني والعشرين من فبراير 1727م يومًا عاديًا، ليس في تاريخ المملكة فحسب، بل بالنسبة للعالم بأسره، وذلك عندما أعلن الإمام محمد بن سعود تأسيس الدولة السعودية الأولى وعاصمتها مدينة الدرعية، فقد وضعت تلك الخطوة الأساس لميلاد دولة فتية أصبحت في ما بعد إحدى أسرع الدول تطورًا على مستوى العالم، والدولة المحورية التي تضمن استقرار الاقتصاد العالمي من خلال حرصها على وجود أسعار عادلة للنفط الذي تتصدر إنتاجه.

ورغم صعوبة الأوضاع في ذلك الوقت، وشح الإمكانات وانعدام الأمن وشيوع الفوضى والحروب بين القبائل المتفرقة، إلا أن إرادة الله ثم حكمة الإمام محمد بن سعود قادت إلى تطور مدينة الدرعية ونمائها حيث لم تكن مجرد مدينة مثل بقية المدن في ذلك الوقت، بل اشتهرت بازدهارها الاقتصادي وتوفر الأمن في كل ربوعها وأنحائها.

هذه الأوضاع المثالية أسهمت في حدوث نهضة علمية أغرت الكثير من العلماء بالهجرة إليها، حيث قاموا بتعليم الناس أمور دينهم ودنياهم على هدي المبدأ الوسطي للإسلام، بعيدًا عن التشدد والغلو، فاختارت الدولة كتاب الله وسنة نبيه دستورًا لها، وهو المبدأ الذي لا زالت تسير عليه حتى اليوم، بحمد الله وفضله.

ونتيجة لهذا الازدهار ولتوفر الأمن والأمان ظهرت الكثير من المؤلفات والمخطوطات التي لا زالت باقية حتى الآن، وبرزت كذلك مدارس جديدة في الخط وعلوم اللغة، وتحققت نهضة اقتصادية ملحوظة بانتعاش التجارة وتزايد القوافل وانتشار الأسواق، وتحولت الدولة الجديدة إلى مصدر جذب اقتصادي بارز، وأصبحت قبلة لكل من ينشدون الاستقرار ويبحثون عن الأمن.

من المعاني البارزة التي يمكن استخلاصها من هذه الذكرى العطرة أن قادة المملكة العربية السعودية كانوا يحملون -على اختلاف أزمانهم وعصورهم- قواسم مشتركة ومبادئ ثابتة في مقدمتها السير على هدي القرآن الكريم والسنة النبوية المطهرة.. كذلك كان اهتمامهم المشترك هو نشر المنهج الوسطي المعتدل للإسلام والاهتمام بالعلوم ومحاربة الخرافة والدجل.

كذلك أولوا أهمية كبيرة لترقية حياة الشعب وتطوير مستواه المعيشي، لأن الفقر هو أكبر معطلات التطور والنماء، والمدخل الأول نحو الفشل والتردي، فبذلوا جهودًا كبيرة لا زالت متواصلة حتى الآن نحو التنمية والازدهار، فتحولت هذه البلاد في ظل قيادتهم الرشيدة من مناطق صحراوية قاحلة إلى واحة للنهضة والتطور يقصدها الناس من كافة أنحاء الأرض.

لكل ذلك فإن الواجب علينا ونحن نحتفل بهذه الذكرى العطرة أن نكون أكثر تمسكًا بالانتماء لوطننا الحبيب، وأن نحرص على المزيد من الوحدة والانتماء وإظهار مشاعر الولاء لقيادتنا الحكيمة، والاتجاه نحو العمل والإنتاج ومضاعفة الجهود حتى نكمل ما بدأه أسلافنا الكرام من جهود مقدرة، وأن نتفانى في خدمة بلادنا التي لم تبخل علينا بشيء ونقدم أرواحنا فداء لها.

التهنئة أرفعها في هذه المناسبة لمقام مولاي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ولولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان -حفظهما الله- سائلا المولى عز وجل أن ينعم عليهما بالصحة والعافية، والتهنئة موصولة للشعب السعودي النبيل، والأمنيات بأن تعود علينا هذه المناسبة أعوامًا مديدة وبلادنا تنتقل من نجاح إلى آخر.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store