Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
إبراهيم علي نسيب

نقطة !!

همزة وصل

A A
الكل يبحث عن الحضور في أدوات التواصل، وهذا أمرٌ جيد، وأدوات التواصل في كل ثانية تُقدِّم لك فكرة جديدة، حتى أصبح المستخدم يعيش بين لعنتها ورحمتها يوميًا، لكن أن تكون هي شغلك الشاغل الذي (لا) تنتهي منه؛ فتلك مصيبة باتت واقعاً نعيشه معها، والمشكلة الكبرى هي ليست في التقنية، بل في العقول التي تستخدمها، فمن ينقذ هذه العقول الصغيرة، ومن يُحاسبها على جنونها الذي وصل حد الإزعاج الذي (لا) يهدأ بالطبع، كل هذا بحثاً عن عدد المشاهدات، مع أن المشاهدات (لا) تعتمد على المحتوى، و(لا) على الوعي أبداً، فقد تجد أحدهم (لا) يكتب شيئاً، و(لا) يقدم أبداً سوى الهلس، ومع ذلك يُفاخر أنه لو وضع "نقطة" في تغريده لقرأ تغريدته مليون قارئ!!، فما أصعب ذلك الذي يشبه إلى حدٍّ ما الرقص بذراع مبتورة، وما أصعب الكتابة والفكرة والكلمة والجملة والسطر حينما (لا) تجد من يقرأها ويُقدِّر قيمتها، وهي صدمة مفجعة وموجعة أن ترى أديباً يلاغي النبض، أو كاتباً فخماً يكتب، و(لا) أحد يلتفت له، وكأنما يكتب للموتى، وكأن الحياة لم تعد سوى هلس ولعب ونقطة..!!

ما علينا، وعشاق المشاهدات يكبرون ويتكاثرون ويمارسون نوعاً من التطرف الذي يفقدك شهية الكتابة، التي تُمارسها أنت ليس إلا من أجل أن تبني حلماً جميلاً في صدر الآتي، الذي تريده أن يكون شيئاً مفرحاً لغدٍ أفضل، ومن يقنع هؤلاء أن التقنية هي عيون المبصر في عالم يتقدم، ويعتمد عليها العالم الذي (لا) يبحث أبداً عن عدد المتابعين، و(لا) عن عدد "الري تويت"، و(لا) حتى عدد المشاهدات، بمعنى أن كثيراً من العقول المبدعة (لا) تجد خلفها ذلك الكم الهائل من المتابعين، وكأنهم (لا) يهتمون بمَن يتابعهم، و(لا) بمن يعزز لهم ذلك، لأنهم يُفكِّرون وينشرون فكرهم وعلمهم، وأن كل اهتماماتهم هي ماذا يكتبون! وكيف يكتبون؟ ومتى يكتبون؟، والسؤال هو: متى نفيق نحن من صدمة التقنية!؟ متى؟!.

(خاتمة الهمزة)... تموت الفصاحة في حضور الجنون... وهي خاتمتي ودمتم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store