Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالرحمن عربي المغربي

ناصية الكلمة

A A
ولد «صوت جدة» بين رواشين وحواري جدة التاريخية، كان ميلادها يُشبه سيمفونية حالمة.. ميلاد يُشبه تحليق الفراشات حول الضوء، وكأن صوت صرخاتها المتقطع وقتها كانت تحاول من خلاله أن تقول شيئًا ما.. كانت طفلة بحضورها للدنيا تعلَّمت المشي فوق سطح رخام أبجدية اللغة، لتقف على ناصية الكلمة التي أصبحت بعدها سيّدتها الأولى، لقّبها الأديب السعودي الكبير «محمد حسن عواد» بخنساء القرن العشرين، وتغنَّى لها أشهر الفنانين بعد أن تجاوزت بموهبتها الشعرية المتميزة والفريدة كل العقبات، التي كانت تتعثر فيها المرأة في ذلك الوقت، فقد كانت تتجاوز المحاذير المجتمعية بهدوء، لأنها أرادت التحدي والمواجهة، ولذلك لم يُصاحب حضورها ضجيج، وكان لصوت موهبتها العبور الذي يمكن وصفه بتسلل خيوط الفجر إلى النوافذ العتيقة المنسدلة الستائر، واستطاعت أن تكون صوت المرأة السعودية الحاضر بأناقة الكلمات، وإعادة الهيبة للمفردة الحجازية الجميلة بكلماتها الغنائية.. «حطني جوه بعيونك... وشوف الدنيا بي كيف»، والذي تغنَّى بها فنان العرب «محمد عبده».

ويلاحظ جرأة الشاعرة التي نشرت باسمها الصريح، ولم تتعامل قط بالأسماء المستعارة، خلافًا للمعهود من غالبية النساء وقتها، ولها كلمة تقول فيها: «الكتابة مسؤولية مواجهة»، وأيضًا هي التي قالت المفردة الصعبة بمفردة بسيطة قريبة من قلب كل إنسان.

تعتبر «ثريا قابل» الصوت الشعري الذي حفر لاسمها مكانًا في خارطة الأغنية السعودية، والذي لا يمكن أن يُخطئها حس المتذوق الراقي، والتي تولت تربيتها عمتها «عديلة» بعد وفاة والدها، وارتبط اسمها بأقدم شوارع تاريخية جدة (شارع قابل)، وأصدرت عام 1963م ديوانها الأول «الأوزان الباكية» في بيروت، وهو أول ديوان شعري نسائي في الأدب المحلي السعودي الحديث، وقد حصلت الشاعرة «ثريا» على العديد من الجوائز في عدد من الدول العربية لهذا الإصدار المتميز، وتصدَّر الديوان إهداء إلى عمتها «عديلة»، تحية لها وعرفانًا بالجميل.

ومن أشهر أشعارها الشعبية والغنائية «بشويش عاتبني»، وغنَّاها «طلال مداح» بألحان «محمد شفيق»، «ياللي الليالي متشوقة لساعة لقاك».. «من بعد مزح ولعب».. «أديني عهد الهوى».. «يا من بقلبي غلا».. بينما يعد «فوزي محسون» أكثر مَن تعاون معها بعد أن غنَّى لها عشرات الأعمال، تعد أشهرها الخالدتان: «جاني الأسمر جاني».. «حبيّب يا حبيّب».. «يا من بقلبي غلا».. «مين فتن بيني وبينك».. وتعاونت مع الفنان «محمد عبده» مرتين، الأولى في عام 1969م في أغنية: «لا وربي»، وهي من ألحان «فوزي محسون» أيضًا، وجدَّدها «محمد عبده» في أواخر التسعينيات بأبها، كما غنى لها مؤخرًا أغنية «واحشني زمانك».

ومن أجمل ما قرأت للشاعرة «ثريا».. «من بعد مزح ولعب اهو صار حبك صحيح وأصبحت مغرم عيون وأمسيت وقلبي طريح.. وأخجل إذا جات عيني صدفة في عينك وأصير... مربوك وحاير بأمري... من فرحي أبغى أطير».

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store