Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محمد بشير كردي

غياب كرامة الإنسان في (موائد الرحمن)

A A
أيام قليلة وتتصدر (موائد الرحمن) الساحات وأمام بوابات دور العبادة التي تتزاحم فيها الأقدام لتطعم البائس الفقير.. وعليها من الأطعمة والحلويات والفاكهة ما يزيد على جوع المتحلِّقين حولها، وما تبقى منها لحاويات النفايات.. ومع ازدياد عدد الآكلين، تعلو وجوه مموِّليها ابتسامات الْكِبَرِ والفرح.. وياللَّه ما أصدق قوله جلَّ وعلا: ﴿إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ﴾.

ومع توديعنا شهر رمضان، وأيام عيد الفطر، تُرفع الموائد، (وتعود حليمة لعادتها القديمة)، وكأن البائس الفقير اختزن في معدته ما يسد رمقه لسنة كاملة.. وتُعاد الكرَّةَ.

من المتفق عليه، فإن زيادة عدد الأغنياء يضطرد في بلاد المسلمين خاصة، وأعداد البائسين الجياع أضعافًا مضاعفة.. وبنتيجة منطقية، فارتفاع عدد الأغنياء، تدفع بالفقراء البائسين إلى ما تحت خط الفقر.. ولشيوع ظاهرة فوضى توزيع الثروات التي تتولى إدارتها الدولة المتسلطة على اقتصاد العالم، وتعمل على امتصاص ثروات الأمم والشعوب بممارستها خدعة المضاربة بالعملات التي ابتدعتها عائلة روتشيلد اليهودية، ورفعت للأعلى قيمة تعادل العملات الأخرى مقابل الدولار.. وليس خافيًا أن قيمة الدولار لا تتجاوز ثمن الورق وحبر طباعته.. ولا رصيد من الذهب غطاء له.. كان ذلك منذ فاجأ نيكسون العالم عام 1971 بإلغاء التحويل الدولي المباشر من الدولار الأمريكي إلى الذهب مخالفًا ما كان ساري المفعول بموجب نظام (بريتون وودز) الذي يمكن به التحويل بسعر صرف ثابت هو خمسة وثلاثون دولارًا مقابل أونصة ذهب واحدة.. ومذ ذاك إلى أن يولد نظام عالمي متعدد الأقطاب، سيبقى الدولار اللاعب الوحيد في لعبة الأمم.. ويبقي -مع الألم والأسف- قول جاكوب روتشيلد أحد مؤسِّسي إسرائيل سائدًا: (سنجعلهم يسرقون أموال شعوبهم ليودعوها في بنوكنا، ثم نعيد إقراض شعوبهم من أموالهم.. ولا يقتضي الأمر سوى وزير مال من جنودنا).

أما (موائد الرحمن) الموسمية على افتراض ضرورتها فليست تثبيتًا للآية الكريمة: ﴿وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأسيرًا﴾.. وليست أيضًا امتثالًا لقول تعالى: ﴿وَفِي أَمْوَالِهمْ حَقٌّ مَعلُومٌ لِلسَائِلِ وَالْمَحْرُومٍ﴾.. فأي عطاء لسائل مستحقّ، زكاة أو صدقة أو تصدٌّق إذا أُهينت بها كرامة متلقيهَا فلا ثواب لواهبها، وذاك ما نهى عنه الإسلام، وليس من تراثنا ولا من ثوابت إيماننا.. وما أجدر وأنبل من إعانة عائلات مسلمة مستورة بين ظهرانينا هي أحقُّ بما يذهب سدىً ببذخٍ لا يسدُّ جوعًا ولا ينقذ عائلة من بؤس الحاجة والفقر.. ويزيد مقدِّميها الأثرياء فرحًا لا يحبُّهُ الله.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store