Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. أحمد أسعد خليل

سارعوا إلى الخير

A A
أعتقد بأنه شعور لا يوصف، تجده وقد غمرك كاملاً، حين تجد نفسك قد أسرعت في تقديم الخير، مهما كان نوعه، قولاً كان أو عملاً طيباً، وما ذاك الشعور الذي يسري بالنفس بعد عمل الخير؛ إلا لأنه توافق مع فطرتنا الطيبة المحبة للخير، وما التغيير الذي يطرأ على تلك النفس؛ إلا بسبب بيئة شحيحة بخيلة، أو شر محيط يمنع المسارعة بالخيرات، أو الإنصات إلى وساوس وسيطرة الشياطين لتجنُّب عمل الخير، قليله أو كثيره، فهل استسلمنا له، أم تقدمنا في فعل الخيرات خلال مسيرتنا.

شهر رمضان أقبل علينا، وهو فرصتنا لتغيير سلوكياتنا؛ وتهذيبها مع صيامنا، وهو فرصة في ترويض النفس لفعل الخيرات، والحصول على الشعور العميق والطمأنينة في مساعدة الآخرين، وتقديم عمل الخير المتنامي والمستمر؛ ليكون جزءاً مهماً من سلوكنا وتعاملنا اليومي مع الجميع، فحين تقوم بالعطاء والمسارعة إلى الخيرات، فإنما تثبت أنك مفتاح للخير مغلاق للشر، كما ورد بالحديث الشريف: (إنَّ من الناس ناساً مفاتيح للخير مغاليق للشر، وإنَّ من الناس ناساً مفاتيح للشر مغاليق للخير، فطوبى لمن جعل الله مفاتيح الخير على يديه، وويل لمن جعل الله مفاتيح الشر على يديه)، إضافة إلى ذلك، فإن المسارعة إلى فعل الخيرات، تُدخلك تحت راية الآية الكريمة في قوله تعالى: (وَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)، حبّ الخير وفعله، هو الزّاد الحقيقيّ الذي يبقى للإنسان في آخرته، فينتفع به، ولا يطلب الله من عباده الكثير من فعل الخيرات، فإنّ الله يقبل الخير ولو كان يسيراً، ويمتاز الذين يُسارعون إلى الخيرات بأنّهم يقدّمون مصلحة الآخرين على مصلحتهم الشخصية، فالمعنى الصحيح للتطوّع؛ هو تقديم الخير للآخرين دون انتظار مقابلٍ منهم، وذلك يُسبّب الراحة النفسيّة لهم.

ومن صور التنافس على فعل الخيرات، المسابقة إلى إخراج الصدقات، والصدقة ليست محصورة في المال، وإنما قضاء الحاجات، والعمل باليد صدقةٌ، وإعانة الملهوف صدقةٌ، وعمل المعروف صدقةٌ، والتبسم في وجه الغير صدقةٌ، حتى أن الرسول صلى الله عليه وسلم عدّ كفّ الأذى عن الناس من الصدقة، وإن إماطة الأذى من فعل الخير، وقد روي عنه صلى الله عليه وسلم أن أحب الناس إلى الله أنفعهم للغير، وما زال عمل الخير قائماً إلى يوم القيامة، فمن كانت في يده فسيلة وقامت الساعة واستطاع ألا يقوم حتى يغرسها فليغرسها، وكان السلف الصالح يحرصون على المسابقة إلى فعل الخير ونفع الغير، رضي الله عنهم جميعاً.

عمل الخير مستمر ودائم، وما أجمل أن يجمع عمل الخير مع فريضة الصوم في هذا الشهر المبارك والفضيل، فاحرص على جمع الأجر والمثوبة، لتفوز بقول الله تعالى وأمره: (لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ). «كل عام وأنتم بألف خير، وتقبل الله منَّا العمل الصالح والطاعات وفعل الخيرات».

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store