Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

فتح المطاعم في نهار رمضان!!

A A
انقسم بعض الكُتّاب بين مؤيِّدٍ ومُعارِضٍ لفتح المطاعم في نهار شهر رمضان، لخدمة غير المُسلمين من مُقيمي العمل، أو السُيّاح الذين تضاعفت أعدادهم بعد الطفرة السياحية الكبيرة التي تشهدها البلاد، وكذلك لخدمة الأطفال المسلمين الذين لم يبلغوا سنّ التكليف بالصيام، ومن لهم أعذار شرعية لعدم الصيام مثل المرضى والمسافرين، والنساء خلال فترة الطمث الشهرية.

فبالنسبة للمُقيمين والسُيّاح غير المسلمين، فالصوم يا سادتي ليس عبادة فقط يفرضها الإسلام، بل هو مشروع ارتقاء ملائكي بالجسد والروح، هكذا أراده الله الذي هو الأعلم بمصلحة العباد، وهذا المشروع يحتاجه المسلم وغير المسلم، وهو ينتشر بين كثيرٍ من الطوائف الدينية الأخرى غير الإسلام، بل وأنّ رُوّاد الطبّ المتطوّر من غير المسلمين حول العالم أصبحوا يُوصون مرضاهم بما يُسمّى (الصوم المتقطّع) الذي هو علاج لكثيرٍ من الأمراض، وهناك الكثير من غير المسلمين ممّن يصومون في بلادهم لأيام غير منتظمة ولكن قد لا توافق هذه الأيام شهر رمضان، وشاهدْتُ مرّة فيلماً وثائقياً في قناة (ناشيونال جغرافيك) أنّ الوحوش في الغابة تنقطع عن الأكل تماماً بعد التهام فرائسها، ولا تبحث عن الأكل إلّا بعدما تجوع جوعاً يُقارب جوع الصيام البشري، وهي وحوش مفترسة وليست من بني الإنسان، فما المانع من هذا المُنطلق أن يُشجّع المقيمون والسُيّاح غير المسلمين على خوض تجربة الصوم في بلادنا بعد أن نشكرهم على احترامه وتقدير قرار إغلاق المطاعم التي تربح في ليالي رمضان أكثر من كلّ نهار، ولعلّها فرصة لتعرّفهم على الإسلام من باب الصيام الذي سوف يُفتح يوم القيامة على باب الريّان في الجنّة للدخول إليها يوم لا ينفع فطورٌ ولا غذاءٌ ولا عَشاء.

وأمّا بالنسبة لأصحاب الأعذار الشرعية من المسلمين، فنحن انفردنا بين الناس بحبّ الصيام وتفضيله طيلة العام وليس في رمضان فقط، وتشهد لنا الستّة أيّام من شهر شوّال ويومي الاثنين والخميس من كلّ أسبوع والأيام البيض من كلّ شهر ويوم عرفة ويوم عاشوراء وغيرها، وهناك الكثير من الأطفال ممّن لم يناهزوا سنّ التكليف بالصيام يصومون ولو من (وراء الزير) أو بالتدريج، فضلاً عن بعض المرضى غير ذوي الحرج منهم، بل وحتّى النساء خلال فترة الطمث اللاتي قد يشربن قليلاً من الماء في نهار رمضان لكنهنّ لا يُظْهِرْن ذلك لمن يعيش معهنّ في بيتٍ واحد، فضلاً عن الأكل في المطاعم، ويهرعن لقضاء هذه الفترة صياماً بعد ذلك.

إنّ لصيام رمضان روحانية عجيبة في كلّ مظاهر الحياة، للمسلمين وغير المسلمين، وفيه إظهار للشريعة وافتخارٌ بها، ومرضاة للربّ الذي شرّع الصيام ويُثيب عليه وعلى مظاهره الفضيلة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store