Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالرحمن عربي المغربي

خواطر

A A
* يطرق الفرح أبوابنا دون استئذان، حاملًا بين يديه مواعيد جديدة لا تحتمل التأجيل، ولا الغياب أبدًا، فرح غَزَلَ لنا أفراحه فوق خطوط الفجر، التي تتسلل إلى منافذ بيوتنا كل صباح، ليضع مكعبات السكر في كوب القهوة الساخن، وفوق سطور نشرات الأخبار الصباحية، ويُغلِّف أمانينا في يومنا الجديد الذي نتمناه دائمًا أحلى من مكعب السكر، ليسمح لمزيدٍ من الفرح أن يمتد إلى جميع الزوايا الجغرافية، فتصبح التوقعات أجمل بكثير، والرهان على حدوث الأجمل واقعًا.

ويبدو أنه أصبح مُقدَّرًا على مواسم الفرح أن تعقد صفقاتها، فالغياب ممنوع، والأعذار حملت أمتعتها ورحلت، والفرح يبدو أنه قرر أن تطول إقامته بيننا، وألغى كل مواعيده المؤجَّلة، لأنه كان على موعد مهم مع هذا الفرح الذي يُشبه سيمفونية فيها الحكايات والأحاديث الصادقة، والتي تشبه أيضاً تحليق الفراشات حول الضوء، لترى تسلل الفجر إلى النوافذ العتيقة.

*****

* مكة المكرمة البلد الآمن، والبيت المعمور، وقبلة الدنيا، وقصة الحب النادرة التي تعيش تفاصيلها في مهوى الأفئدة، إنها الحب الذي يجعل قلوب المؤمنين في حالة اتصال دائم مع رب العباد، ويجعل الاطمئنان يُغلِّف قلوب كل من يقصد الروحانية والسكينة والهدوء، ويرجو رحمة ربه وغفرانه، وكأنها الهدايا التي تأتي دون موعد، وتترك الأثر الجميل في ثنايا الروح، هدايا رب العالمين التي لا تنفد، وتحقق الأمنيات الكثيرة، فنحن العباد الفقراء نرفع أكفّنا في فضاء رحمته وقلوبنا تدعو، ووعده هو الحق المبين.

*****

* هذا الحبيب صلى الله عليه وسلم عندما خاطب بني قومه في عام الفتح: ماذا تظنون أني فاعل بكم؟.. فأتاه جوابهم: أخ كريم وابن أخ كريم، فكان الصفح المنبعث من النفس التي ربَّاها مولاها، وملأها حباً وزكَّاها أصلاً وفطرة، فنظر إلى وجوههم في المكان الذي أحب، والأرض التي عشق بين الحجون إلى الصفا، فهتف في أسماعهم (اذهبوا فأنتم الطلقاء).. عليك صلى الله وملائكته الكرام، يا من أنقذ الله بهديك النفوس من غيها وضلالها، فلتمتلئ النفوس بإذن بارئها حباً وتسامحاً، ولتلتقِ النفوس على صفاء تُغذيه رشفات من ماء الطهر والقداسة من بئر زمزم.

*****

* هذا «المديني» الجميل، المميز بثقافته الاجتماعية، ما حل بمدينة قط إلا وأصبح جزءاً من ذاكرتها ونسيجها العام.. فلقد قصد مكة المكرمة طالباً، فغدا خلال سنوات معدودة خبيراً بأهلها وشعبها، وحكايات رجالها، فإذا ما قرأت «أشجان الشامية» ظننته ذلك الأنيس الذي افتقده الشاعر في الزمن القديم بين «الحجون» و»غيلما»، ذلك الأنيس الذي لفحته مكة برياح سمومها، فامتزجت رجولة أهل مكة، ودماثة خلق أهل طيبة.

إنه رجل العلم والصحافة «محمد صادق دياب».. يرحمه الله وأسكنه الجنة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store