Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

المكر اللُغوي بين عدن ولندن!!

A A
رغم أنّ عبارة (من تعلّم لغة قومٍ أمِنَ مكرهم) ليست حديثاً نبوياً كما يعتقد البعض إلّا أنّها عبارة صادقة بامتياز، هذا ما تعلّمته أنا في حياتي.. أيضاً بامتياز!.

وتعلُّم اللُغات أصبح مطلوباً الآن في كلّ دولة تنشد التطوّر، حتّى لو كانت اللُغات صعبة التعلّم مثل الصينية أو الألمانية وغيرها، ولم تعد اللغة الإنجليزية هي اللغة الأهم على الإطلاق!.

وهناك الكثير من القصص عن المكر اللغوي، وأبدأ بالقصّة التي حصلت خلال الاحتلال الإنجليزي لمدينة عدن اليمنية قبل عقود من الآن، إذ احتاجت قوات الاحتلال لمترجم عربي كي يُترجم عبارة (Victory for England) أو (النصر لإنجلترا) لطباعتها في منشورات ورقية تُسقطها الطائرات الإنجليزية على سُكّان مناطق عدن، لتأكيد النصر والافتخار بذلك، فلم تعثر إلّا على تاجر شاي عدني من عائلة (باهبري)، فترجم لها العبارة ثمّ أسقطت الطائرات الإنجليزية آلاف المنشورات ظانّة أنّ الموضوع تحت السيطرة أو (Under control) باللغة الإنجليزية!.

وبعد فترة من استمرارية إسقاط المنشورات، قَدِمَ جنرال إنجليزي من لندن لتفتيش قُوّاته، وكان يعرف قليلاً من اللغة العربية، فتفاجأ عند رؤيته للمنشورات أنّ المكتوب عليها ليس هو (النصر لإنجلترا) بل دعاية كتبها التاجر لنوع الشاي الذي هو وكيله التجاري، وهكذا قدّم الإنجليز خدمة دعائية للتاجر العدني الماكر دون أن يشعرون، ويا له من ماكر، ولا أدري كيف عاقبته قوّات الاحتلال؟.

وهناك قصّة أخرى قد حصلت لي شخصياً، إذ كنت خلال فترة الوظيفة في مهمّة عمل في لندن برفقة زميلٍ عزيزٍ لي، وركبنا سيّارة أجرة يسوقها إنجليزي أبيض ومتعجرف، وكنت أُحَدِّثُ زميلي، طبعاً باللغة العربية، واصفاً الإنجليز بأنّهم متغطرسون يظنّون أنفسهم سادة العالم بينما إمبراطوريتهم العُظمى زالت بعد أن كانت الشمس لا تغيب عنها، لأُفاجأ بالسائق الإنجليزي وهو يقول باللغة العربية: حبيبي أنا أعرف عربي زين، ثمّ بدأ يناقشني فيما قُلْتُ بعجرفة أشدّ!. حقاً، من تعلمّ لغة قومٍ أمِنَ مكرهم!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store