Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. أحمد أسعد خليل

المرجفون في المدينة !!

A A
في زمننا هذا، ومع ما وصلنا إليه من تقدم وتطور في مختلف المجالات، ومنها التقنية في أدوات التواصل الاجتماعي، وما يتبع لها من تواصل وإيصال في نقل وتناقل المعلومات والأخبار وغيرها عبر منصات التداول المختلفة، نجد أنها أثَّرت في سلوكيات الناس، وفي التعامل فيما بينهم، وسمة الإرجاف متواجدة منذ القِدَم، إلا أنها أصبحت الآن أكثر سهولة وأكثر خفاء لأصحابها، فالمرجفون هم الذين ينشرون المحادثات والأخبار الكاذبة، أو يبالغون في نشرها وإثارة اللغط وبثّ الذعر والخوف في المجتمع، ليجد الإرهاب فرصته، وهو أشد من الشائعة، لأن الشائعة عامة في نقل جميع الأخبار، حُسنها وسيّئها، أما الإرجاف فهو خاص بنقل الأخبار السيئة فقط، وهو حرام، لأنَّ فيه أذية للمسلمين..

قال الطبري: المرجفون في المدينة قومٌ كانوا يُخبرون المؤمنين بما يسُوؤهم من عدوهم، فيقولون إذا خرجت سرايا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- إنَّهم قد قُتلوا أو هُزموا، وإنَّ العدوَّ قد أتاكم، وذلك في تعظيم قوة الأعداء وقدراتهم، واستحالة هزيمتهم وكسر شوكتهم، من أجل تخذيل المؤمنين وتخويفهم من أعدائهم، وقد لعنهم الله حيثما وجدوا، وتوعدهم بأن يسلط عليهم من يستأصل شأفتهم ويقطع دابرهم. فالإرجاف هو إشاعةُ الكذب والباطل للاغتمام به، ومن صور الإرجاف وأشكاله «الأخبار الكاذبة»، التي يفتريها أعداء الإسلام ومروِّجو الشائعات والأكاذيب على الإسلام وأهله، والأخبار المشكِّكة، وهي التي عناوينها صحيحة ومضامينها كاذبة، والأخبار السيئة، والتي يجب أن تستر، فيفشيها ويضخّمها أعداء الدين، ومشعلو نار الفتنة، ومنها أخبار الفتن والشر.

المرجفون بالمدينة، متواجدون في كل زمانٍ ومكان، وفي كل مدينة، لا يكلّون ولا يتعبون، يتربَّصون ليرجفوا ويوقعوا بالناس، لا يهتمون إلا بأنفسهم وأطماعهم وأحقادهم، وُجِدُوا ليَهدِمُوا، لا هدف لهم سوى الإطاحة بالآخرين والنيل من نجاحاتهم وتقدمهم، وإثارة الفتن والاضطرابات، فقدوا هويتهم وتجاوزوا المنافقين بسلوكهم، ينعقون كل يوم، ومع الأسف قد يجدون من يتبعهم وينعق معهم، ويسير على هواهم، ولكن باختصار هو فِكرٌ فاسد عفن، فقد بريقه، فذهب ليُطفئ الآخرين، ويُعكِّر صفو حياتهم ومستقبلهم.

لابد لنا من التصدي لهم، بإنارة عقولنا بما يقولون وينشرون، ونتصدى لهم بكل قوة وحزم، ونعلم بأن حقيقة مبتغاهم: العداوة والحقد والحسد لنا، ولما نحقق من إنجازات وتقدم على مستوى المملكة في كل المحافل العالمية والمحلية والشخصية، والله توعد المرجفين بما يستحقون.

قال تعالي: (لَئِن لَّمْ يَنتَهِ الْمُنَافِقُونَ وَالَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ وَالْمُرْجِفُونَ فِي الْمَدِينَةِ لَنُغْرِيَنَّكَ بِهِمْ ثُمَّ لَا يُجَاوِرُونَكَ فِيهَا إِلَّا قَلِيلًا مَلْعُونِينَ أَيْنَمَا ثُقِفُوا أُخِذُوا وَقُتِّلُوا تَقْتِيلًا) سورة: الأحزاب.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store