Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. محمد سالم الغامدي

مستقبل التنظيمات الإرهابية

A A
الدين الإسلامي دين الرحمة والعفو والعدل والمساواة، دين التآخي والتكافل والتراحم، أكمل الله تعالى وأتم أحكامه وأوامره ونواهيه وبلغه وأكمل تبليغه رسوله صلى الله عليه وسلم، قال تعالى (الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلَامَ دِينًا) ولم يفرط الله سبحانه في الكتاب من شيء قال تعالى (مَّا فَرَّطنَا فِي الكِتَـٰبِ مِن شَيء) هذا الكتاب الذي أحكم الله تعالى آياته ثم فصلها حين قال تعالى (كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ).. جاء من يقول من البشر بعد قرنين من الزمان غير ذلك ويخالف تلك الآيات الكريمات البينات فيقول إن الحديث الذي جمع من الأفواه بعد قرنين من الزمان يكمله ويفصله، هذا الحديث والذي نهى رسول الله صلى الله عليه عن كتابته حين قال (لا تكتبوا عني غير القرآن ومن كتب عني شيئاً فليمحه) والتزم بهذا الأمر الخلفاء الراشدين والتزم التابعون حتى مرور قرنين من الزمان فجاء من يكتب ذلك ويضعه موازيًا لكتاب الله تعالى بل إن البعض جعله يبطل بعض أحكام القرآن وتناسى أولئك قول الله تعالى (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ) وتناسى هؤلاء أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد بعث مبلغاً قال تعالى (وَمَا عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلَاغُ الْمُبِينُ) والبلاغ لما أوحي إليه من القرآن عن طريق جبريل عليه السلام قال تعالى (إِنْ هُوَ إِلا وَحْيٌ يُوحَى).

وهذه المخالفات البينة أفرزت لنا علم الفقه وعلم الحديث التي جعلت التشريع الممارس يصبح ملايين الصفحات بعد أن كان 600 صفحة هي مجمل كتاب الله تعالى فنشأت تبعاً لذلك المذاهب والطوائف والشعب وقدس أصحابها وأصبحوا مرجعاً للدين بدلاً من كتاب الله تعالى الذي هجر من قبلهم وأصبح نقدهم وعدم الإلتزام بأقوالهم يخرج من الملة، حتى بلغ الأمر بأحد كبار المراكز الإسلامية أن يقول أن السنة تمثل ثلاثة أرباع الدين والقرآن الربع، وهذا بالطبع أدى إلى انحراف في تعاليم الدين تبعاً للأهواء وفرقت الأمة ونشأت حالات التصارع والكراهية والتشرذم بينها كما في قوله تعالى (إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ إِنَّمَا أَمْرُهُمْ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ يُنَبِّئُهُمْ بِمَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) وهنا تحديداً نشأ ونما الإرهاب بكل صوره الفكري والقتل والتفجير والتكفير والإقصاء فتغير حال الأمة كما قال تعالى (إِنَّ اللّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُواْ مَا بِأَنْفُسِهِمْ).

ثم يبقى الحل الذي لابد منه وهو العودة إلى ما كانت عليه تعاليم وأحكام الدين في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم وعهد صحابته الكرام قبل كتابة الحديث والفقه ليكون الالتزام بمضامينه ليسرها ووضوحها قال تعالى (وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ) وتبقى سنة الرسول صلى الله عليه وسلم الواجب اتباعها تتمثل في القيم الفاضلة والأخلاق الحميدة له عليه الصلاة والسلام فهو من قال عن نفسه (إنما بعثت لأتمم مكارم الأخلاق) وهو الأسوة والقدوة فيها كما في قوله تعالى (لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ) فالأخلاق والقيم الفاضلة هي الصراط المستقيم وهي المنتج الذي يتمثل به المؤمن الحق في كافة عباداته ومعاملاته الحياتية وإذا لم يتم ذلك فحتما سيعود الإرهاب ولو بعد حين لأن مصادره التي تستمد منه باقية لكنها لا تزال تحت الرماد.. والله من وراء القصد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store