Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سهيلة زين العابدين حماد

(ما كان إبراهيم يهودياً ولا نصرانياً ولكن كان حنيفاً مسلماً)

A A
هذه الآية تُبيّن ديانة سيدنا إبراهيم عليه السلام، فهو ليس بيهودي ولا نصراني، وإنّما حنيفًا مسلمًا وما كان من المشركين، ولم يجمع الله تعالى بين الأديان الثلاثة، بل نجده نفى أن يكون إبراهيم يهوديًا أو نصرانيًا وأن يكون من المشركين، وأكّد على أنّه حنيفًا مسلمًا؛ لأنّ الديانتيْن «اليهودية والمسيحية» تعرضتا للتحريف، بعدما كانتا ديانتيْن توحيديتيْن، وذلك عندما أشرك اليهود والمسيحيون بالله عندما جعلوا لله ابنًا: (وَقَالَتِ الْيَهُودُ عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ وَقَالَتِ النَّصَارَى الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ ذلك قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ).

والحنيف في معاجم اللغة العربية تعني صحيح الميل إلى الإسلام الثَّابت عليه، مستقيم منصرف عن الضَّلال متّجه إلى الحقِّ (فَأَقِمْ وَجْهَكَ لِلدِّينِ حَنِيفًا).. وقد ورد ذكر الجذر الثلاثي (ح-ن-ف) في القرآن في اثنتي عشرة آية، نلاحظ أنّ في معظمهم يكون هنالك ربط مع النبي إبراهيم الذي وصفه القرآن بالحنيف. وقد وُصِم بها العرب الذين هجروا عبادة الأصنام وارتدوا عن دين من كان حولهم. وفي المسيحية واليهودية هم الذين لم يدخلوا بهاتين الديانتين من الفرس والإغريق والعرب.

وأكد ربنا جل شأنه أنّ أصل الديانة المسيحية التوحيد بقوله: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُوا وَلَتَجِدَنَّ أَقْرَبَهُمْ مَوَدَّةً لِلَّذِينَ آَمَنُوا الَّذِينَ قَالُوا إِنَّا نَصَارَى ذَلِكَ بِأَنَّ مِنْهُمْ قِسِّيسِينَ وَرُهْبَانًا وَأَنَّهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ وَإِذَا سَمِعُوا مَا أُنْزِلَ إِلَى الرَّسُولِ تَرَى أَعْيُنَهُمْ تَفِيضُ مِنَ الدَّمْعِ مِمَّا عَرَفُوا مِنَ الْحَقِّ يَقُولُونَ رَبَّنَا آَمَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ).

وقد بشّر سيدنا عيسى بالنبي محمد (وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ).

وكشفت صحيفة ذي ديلي ميل البريطانية أنّ السلطات التركية عثرت على ما يُظن أنها النسخة الأصلية لإنجيل برنابا الذي بشّر برسول يأتي من بعد المسيح اسمه أحمد.. وذكرت أنّ الإنجيل المكتشف ينص صراحة على أنّ عيسى بن مريم لم يُصلب، وأنّه يبشر بمجيء النبي محمد ليكون خاتم الأنبياء.. وقد خرجت المسيحية عن التوحيد بتأليه المسيح عليه السلام في مجمع نيقية عام 325، وتنبّه بعض علماء اللاهوت الدومانيكيين مؤخرًا إلى بطلان هذه الدعوة، وأعلنوا ذلك في كتاب بعنوان «أسطورة التجسيد الإلهي».

ويُعد القس ريشار سيمون أول من أثبت أنّ موسى عليه السلام ليس هو كاتب أو مؤلف الأسفار الخمسة، ومن مؤلفات سيمون: «تاريخ نقد العهد القديم»، و»تاريخ نقد العهد الجديد»، و»دراسة ترجمات العهد الجديد»، كما قام بفحص الوثائق، مشيرًا إلى عمليات التعديل والتبديل التي تمَّت.

ومن أهم ما أتى به عصر التنوير خلال القرن الثامن عشر كحركة فكرية فلسفية أوروبية هو دراسة النصوص الدينية، واكتشاف عمليات التغيير والتبديل والتحريف، وأخطاء الترجمة المتعمدة، وقاموا بعمل حصر للتناقضات الواردة بالأناجيل، كالتناقض في موعد ومكان ميلاد يسوع، واختلاف مدة تبشيره، ويوم وموعد صلبه وبعثه بين الأناجيل.

وقامت الإدارة الأمريكية في عهد ترامب بتمرير ما أسمته بصفقة القرن، لتطبيع البلاد العربية علاقاتها مع العدو الإسرائيلي خارج إطار المبادرة العربية للسلام التي أطلقها الملك عبدالله -رحمه الله- بين إسرائيل والفلسطينيين. والتي هدفت لإنشاء دولة فلسطينية معترف بها دوليًا على حدود 1967، وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى بلادهم، وانسحاب إسرائيل من هضبة الجولان، مقابل اعتراف وتطبيع العلاقات بين الدول العربية مع إسرائيل.

وتقوم كذلك على توحيد الأديان السماوية وهي محاولة قديمة متجددة، فمن قبل ظهرت البهائية التي دعمتها بريطانيا وإسرائيل ودعت إلى إيجاد رؤية موحدة ما بين البشر من معتنقي الأديان ذات المصدر الإلهي الواحد، بهدف تقويض الأديان الذي أعلنته برتوكولات صهيون، فقد جاء في البروتوكول الرابع عشر: «حينما نُمكِّن لأنفسنا فنكون سادة الأرض، لن نبيح قيام أي دين غير ديننا، ولهذا، يجب علينا أن نُحطِّم عقائد الإيمان الأخرى».

ونتيجة لخضوع الكنيسة للحكومة الماسونية الخفية التي تحكم العالم أعلن المجمع المسكوني الثاني عام 1965 أنّه يهدف إلى اقتلاع الإسلام، واستقبال الألفية الثالثة بلا إسلام، وأكّد عليه مؤتمر التنصير في كلورادو عام 1978م فجاء فيه: «إنَّ الحضارة والثقافة الإسلامية شر برمتهما ينبغي اقتلاعهما من جذورهما، وأن يجد الإنجيل طريقه إلى المسلمين».

وقد أعلن نائب الرئيس الأمريكي بحفل الأكاديمية البحرية بولاية ماريلاند عام 1992م أنَّهم يخافون في هذا القرن من ثلاثة تيارات، هي النازية والشيوعية والأصولية الإسلامية، وتمكنوا من الخلاص من النازية والشيوعية، ولم يبق أمامهم سوى الأصولية الإسلامية، فما أعلنه جورج بوجش الابن عقب أحداث 11 سبتمبر، قيام حرب صليبية على الإسلام، لم تكن زلة لسان، وإنَّما هي بالفعل حرب صليبية ثانية على الإسلام.

للحديث صلة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store