لا شك أن دور المملكة العربية السعودية لم يعد دوراً محورياً، ولا إقليمياً، ولا عربياً فحسب، بل أصبح دوراً عالمياً، تنظر إليه كافة الدول والهيئات العالمية بأنه محور ارتكاز لكافة الأزمات العالمية، وفي كافة الاتجاهات والمنابر والتوجهات، سواء ما كان منها اقتصادياً، (أزمات البترول)، وما كان منها سياسياً، (أزمة السودان)، وعودة الأخوة في (سوريا) إلى أحضان الجامعة العربية، وإلى البيت العربي.. كل هذه الأزمات والمنعطفات التاريخية تأتي «المملكة» لتكون سبّاقة للعبور بهذه المنعطفات إلى برِّ الأمان، وما التقارب من «إيران» إلا واحدة من تلك الحلول التي تقدمها السعودية للعالم، والدروس المستفادة لنبذ العنف، والاتجاه بل والتحوّل الجذري إلى البناء والتنمية، والاهتمام برفاهية المنطقة وشعوبها من خلال إنشاء المصانع، وإقامة المشاريع العملاقة، التي تعود على المنطقة بالنفع العام، وتنهض بهذه المنطقة الحيوية والمهمة.
من هنا، جاء دور المملكة في أزمة السودان الأخيرة، واحتضانها للمحادثات في جدة، وتغليب روح العقل على القتال وسفك الدماء، فنحن نعلم وندرك ما يحاك للسودان من قبل أعداء هذه المنطقة، من خلال التلاعب برؤوس الفتن، و(الأراجوزات) الذين ينفذون الأجندات، دون مراعاة لمصالح الشعوب والمنطقة بأكملها، فهمهم الأول والأخير مصلحة أنفسهم، ومن هنا كانت المبادرات من السعودية لوقف (لعبة الشطرنج).
السودان بلد شقيق، غني بثرواته ومكانته، وله تأثير في قلوب العرب، وموقعه الجغرافي يُحتِّم علينا المحافظة على هدوئه واستقراره، ولا يُخالجنا الشك يوماً من الأيام بقدرة الإخوة السودانيين في حل قضاياهم داخل البيت السوداني، ومن منطلق الحكمة والعقلانية، ولم نُفكِّر يوماً بأن تكون الصراعات بين الأخوة والأشقاء في محيط الخرطوم وغيرها من المحافظات، وندرك تماماً أن هناك حلولاً للأزمة، وأن الجلوس على طاولة المفاوضات، وإظهار حسن النوايا، وتغليب مصالح الشعب والوطن؛ سيكون ديدن العقلاء من الطرفين، لإيقاف النزيف وقتل الأرواح، التي لا ناقة لها ولا جمل في هذه الصراعات «الداخلية - الخارجية»، وواثقون أن في جدة -القريبة من أطهر بقاع الأرض- سيظهر الإخوة السودانيون بقلوبٍ طاهرة نظيفة، وموافقات على ما يأتي من تطلعات لوقف الحرب، والانطلاق نحو مستقبل سوداني واعد.
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
