Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. محمد سالم الغامدي

متى نصوم ونحج في التوقيت الصحيح؟! (1)

A A
منذ فجر التاريخ والأمم تختلف في وضع مقياس للزمن كالساعة واليوم والأسبوع والشهر والعام، لذا نشأ ما يسمى بالتقويم لمعرفة حسابها في منظومة تسمى السنة أو الحول.

لكن الجميع كانوا يتفقون على ضرورة موافقة التقاويم للظواهر الكونية والطبيعية كالفصول الأربعة وحركات بعض النجوم والأبراج ومنهم بالطبع العرب قبل الإسلام كانوا يستخدمون التقويم (القمري الشمسي) الذي كانوا يستخدمون فيه أيام النسيء لإيجاد عملية التوافق بين التقويمين الشمسي والقمري، وعندما هاجر المسلمون إلى المدينة وأصبح لهم كيان مستقل أصبحوا يُطلقون على كل سنة من السنوات اسمًا خاصًّا بها مثل السنة الأولى سميت بسنة الإذن والسنة الثانية سميت بسنة الأمر والسنة الثالثة سميت بسنة التمحيص والسنة الرابعة سميت بسنة الترفئة والسنة الخامسة سميت بسنة الزلزال والسنة السادسة سميت بسنة الاستئناس والسنة السابعة سميت بسنة الاستغلاب والسنة الثامنة سميت بسنة الاستواء والسنة التاسعة سميت بسنة البراءة والسنة العاشرة سميت بسنة الوداع.

وفي عهد الخليفة عمر بن الخطاب اضطر لعمل تقويم لمواجهة متطلبات الدولة التي توسعت رقعتها وبعد مشاورة الصحابة جعل تقويمه يبدأ بيوم الهجرة النبوية، ولأن الهجرة النبوية كانت يوم 12 ربيع الأول فقد اختاروا يوم 1 محرم ليكون بداية للعام الهجري، فالهجرة النبوية لم تكن يوم 1 محرم كما يعتقد الكثير واستمر الوضع كذلك حتى يومنا هذا، ولعل هذا التعديل المستمر عبر العصور يؤكد أن التقويم ليس عملاً منزَّلاً من السماء يُستوجَب تنفيذه كما نزل وإلا كان ذلك قد نزل في كتاب الله مفصلاً، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قد اتخذ فيه قراراً يستوجب اتباعه.

وهذا ما يدفعنا لمناداة كافة الجهات ذات العلاقة بعلم الفلك بمشاركة المنظمات الإسلامية إلى دراسة هذا الموضوع ووضع الحلول التي أراها متاحة علمياً ولا تختلف مع مضامين الدين كي نصوم في شهر الصوم الحقيقي ونحج في شهر الحج الحقيقي وتتوافق شهورنا مع الحركة الطبيعية للكون التي تتوافق مع الفصول المناخية كي يتمكن الإنسان من معرفة مواقيت الزراعة ومواقيت سقوط الأمطار ومواقيت المواسم والأسواق والرحلات التجارية ونعرف أيضًا مواقيت تزاوج الحيوانات والطيور وولادتها.

أما الاستدلال بحذف أيام النسيء لأنها محرمة فقد أسيئ التفسير لها لأن التحريم ليس للأيام نفسها بل لتحريكها ليواطئوا ما حرم الله بالقتال والصيد في الأيام المحرمة كما تنص الآية (إِنَّمَا النَّسِيءُ زِيَادَةٌ فِي الْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا يُحِلُّونَهُ عَامًا وَيُحَرِّمُونَهُ عَامًا لِّيُوَاطِئُوا عِدَّةَ مَا حَرَّمَ اللَّهُ فَيُحِلُّوا مَا حَرَّمَ اللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوءُ أَعْمَالِهِمْ وَاللَّهُ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) التوبة آية 37.

فحذف أيام النسيء نفسها أدى إلى تغيير مواقع الشهور مع فصول العام المناخية ومواسم الزرع والحصاد ومواسم توالد الحيوانات فأصبح شهر رمضان في غير الرمضاء التي سمي بها وربيع في غير الربيع الذي سمي به وجماد في غير البرد وذو الحجة في غير موعد الحج وهكذا بقية الشهور أصبحت متحركة بين الفصول وأصبحنا نصوم في غير رمضان ونحج في غير الحج والأشهر الحرم في غير مواطنها التي حرمت بسببه.

وللحديث بقية...

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store