Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
عبدالرحمن عربي المغربي

الحكايات في هذه المدينة

A A
استطلاعٌ بديع كتبه المُهذَّب الأستاذ محمد باوزير بصحيفة الرياض تحت عنوان: (جدة حضارة تمتد لألفي عام.. تغزَّل بها الشعراء.. وتحدَّث عنها الروائيون).

يقول باوزير: (شكَّلت مدينة جدة بجمالها الأخاذ للمبدع السعودي رافداً مهماً وإلهاماً جميلاً، أوحى له أن يكتب أروع القصص وأجمل الروايات وأبلغ القصائد، وذلك بعد أن وقف المبدع أمام سحر شواطئها، وتأمَّل رواشينها، وخالط أهلها، فخرج بجملةٍ من الأعمال في فنون الأدب، وتباينت هذه النصوص، وقد وقف جمهرة من شعراء الرعيل الأول أمام عراقتها وحضارتها، في حين رسم كوكبة من المبدعين الشباب لوحات باذخة استمدتها من فضاءاتها الواسعة التي عرفت بها جدة).. انتهى!

في كثير من الزيارات لتاريخية جدة، كُنَّا نعيش حالة الحب التي بينها وبين زوارها، جدة العتيقة وهواؤها المعجون بالتراث، وأبناؤها الذين كانوا يلعبون بين أزقتها المتعرجة، يكتبون فوق جدرانها عبارات، تُؤرِّخ ذكرياتهم الطفولية، وكأنهم يُخاطبون الحنين البعيد في صورة قصة حب للتاريخ، الذي يتذكرونه الآن لمن عاشوا تلك الفترة الزمنية، وذلك بعد عودتهم من رحلة لصيد السمك، أو بعد انتهاء دوري لكرة القدم، وقد كانوا يُصمِّمون جدول مبارياتهم في ملاعب لم تكن مهيأة لحركاتهم الرياضية الرشيقة، هنا في هذه المدينة حكايات بين الأزقة والحارات، هنا حنان المكان ولطف الإنسان، فيها يطرق الفرح أبوابنا دون استئذان، حاملاً بين يديه مواعيد جديدة للفرح لا تحتمل التأجيل، ولا الغياب أبدًا، فرح غَزَلَ لنا أفراحه فوق خطوط الفجر التي تتسلل إلى منافذ بيوتنا كل صباح، ليضع مكعبات السكر في كوب القهوة الساخن، وفوق سطور نشرات الأخبار الصباحية، ويُغلِّف أمانينا في يومنا الجديد الذي نتمناه دائمًا أحلى من مكعب السكر، ارتسمت ملامحها بذلك الزمن الجميل، فهي تعيش حالة فريدة من الحب والهيام مع أماكنها وحاراتها ورواشينها، ومع كل من مرَّ بها.

نعم هنا جدة المشرقة، هنا في جدة كل الحياة، شارع قابل وسوق الندى، والمظلوم، والشام، والبحر، واليمن، وشاطئ أبحر.. هنا صوت المفردة الحجازية (ثريا قابل)، صوت جدة التي ولدت بين رواشينها وحواريها التاريخية، كان ميلادها يُشبه سيمفونية حالمة، ميلاد يُشبه تحليق الفراشات حول الضوء، هنا في تاريخية جدة أثر وروح من حضر، هنا رأيت أدبيات ورمزيات أولئك الذين رحلوا، وبعض مدونات ووقفات من رافقتهم، هنا محط القوافل، هذه المدينة فيها الحكايات بين الأزقة والحارات، هنا حنان المكان ولطف الإنسان.

وتأتي قصيدة الأنيق شاعر جدة المرحوم -بإذن الله - حمزة شحاتة لتقول:

النُّهى بين شاطئيك غريقُوالهوى فيك حالمٌ لا يفيقورؤى الحب في رحابك شتَّىيستفز الأسير منها الطليقُومغانيك في النفوس الصدياتإلى ريِّها المنيع رحيقُ!!

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store