Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
طارق علي فدعق

فـــــــــــوق

A A
رفعا علم الوطن إلى فوق.. إلى ارتفاع يفوق المليون وأربع مائة ألف قدم، ولفا حول الكرة الأرضية مائة وستة وعشرين لفة، ليغطوا مسافة حوالى خمسة ملايين وثلاثمائة ألف كيلو متر.. وهي تعادل المسافة من الأرض للقمر حوالى 13 مرة.. ولم تكن رحلة ترف أو سياحة، فكانت هناك أكثر من عشرين تجربة علمية، بعضها في غاية التعقيد، في مجالات الطب والعلوم الطبيعية والتعليم، وفي كل لحظة كانت الابتسامات الجميلة لا تفارق محياهما. وجعلا الإنجاز يبدو وكأنه سهلاً بالرغم من صعوبته البالغة.. تدرب كل منهما لأكثر من ألف ساعة في وكالة الفضاء الأمريكية «ناسا»، ووكالة الفضاء اليابانية «جاكسا»، ووكالة الفضاء الأوروبية «إيسا» على تفاصيل الرحلة المعقدة، بتوفيق الله كانت كل ثانية محسوبة، وكل المخاطر مدروسة، وكل التجارب العلمية مبرمجة، ووراء كل منهما مئات الساعات من التحضير المتقن.

وخلف كل ذلك دعمت حكومتنا بسخاء، للحصول على أفضل التقنيات والفرق: كانت قائدة الرحلة رائدة الفضاء المخضرمة الدكتورة «بيجي ويتسون»، الرائدة الأكثر خبرة في إدارة الفضاء الأمريكية «ناسا»، وكان طيار الرحلة «جون شوفنر»، وهو من الخبرات المتميزة في مجال الطيران.. انطلقوا على أحدث المركبات على الإطلاق من صاروخ الصقر «فالكون 9»، الذي حمل مركبة التنين «دراجون» إلى محطة الفضاء الدولية، لترسو برفق على هيكلها، والذي يقارن بحنان الأمهات على أطفالهن الرضع في بيئة الفضاء الخارجية الصعبة التي لا ترحم. وبعد إنهاء المهام، عادا بسلامة الله إلى كوكبنا سالمين غانمين.

ولكل من يحسب أن استكشاف الفضاء الخارجي هو من مصادر الترف، فيكفي أن يراجع التقنيات التي نستخدمها جميعاً، والتي تشمل الاتصالات والإنترنت، والمحطات التلفزيونية الفضائية، وتقنيات تحديد المواقع؛ شاملة خدمات التوصيل المختلفة من الدجاج المقلي إلى الفلافل والبيتزا وغيرها، والتصوير والخرائط الجوية الدقيقة، وتفادي الكوارث الزراعية حول العالم، والتنبؤ الدقيق للطقس، وتوفير خدمات الملاحة للسفن والطائرات، وتوفير مخرجات للدراسات الصحية المتعلقة بالعظام، والعضلات، والشيخوخة، والالتهابات، والتصدي للأورام السرطانية، وتطوير وتحسين تقنيات تنقية المياه، وتنقية الهواء، وتحسين تقنية الاشتعال بداخل المحركات، وعشرات المنافع الأخرى بتوفيق الله وإرادته. وللعلم، ستضيف التجارب العلمية لرحلة الرائدين السعوديين (ريانة وعلي) المزيد من المنافع لتطبيقات الفضاء، التي سنرى ثمارها على الأرض وفي الفضاء قريباً إن شاء الله.

* أمنيــــات:

عندي أمنيات كثيرة، أُلخص بعضها في التالي: أولاً، أتمنى أن تدرس هيئة الفضاء السعودية إنشاء قاعدة صواريخ مدنية سعودية على أراضينا، ومبرري هو: أن المملكة تتمتع بالعديد من «المزايا المقارنة»، ومنها توفُّر المواقع بالقرب من خط الاستواء، مما يُوفِّر دفعة حركية إضافية كبيرة للصواريخ عند الانطلاق.. فضلاً لاحظ أن جميع قواعد إطلاق الصواريخ سواء كانت قاعدة «كنيدي» في فلوريدا بالولايات المتحدة، أو قاعدة «بايكنور» في كازخستان، أو قاعدة «كورو» في غيانا الفرنسية، كلها قريبة من خط الاستواء.. أضف إلى تلك الميزة الجغرافية؛ الخبرة المتراكمة منذ رحلة صاحب السمو الملكي الأمير سلطان بن سلمان قبل 39 سنة، وتصميم وتصنيع وتشغيل الأقمار الصناعية السعودية، والأبحاث التطبيقية المختلفة خلال الأربعين سنة الماضية.. والأمنية الثانية هي إنشاء مجموعة متاحف للطيران والفضاء في مدن المملكة الكبرى، حيث أثبتت التجربة تعطُّش أبنائنا إلى المزيد من العلم النافع في هذا المجال. ومن الضرورة أن تشمل تلك المتاحف على تأكيد دور الحضارة الإسلامية في عالم الفلك.. والأمنية الثالثة أن يتم تأهيل التمور السعودية لدى إدارات الفضاء المعنية لتكن ضمن الأطعمة الأساسية في رحلات الفضاء المستقبلية للوجهات المختلفة من المحطة الفضائية، والقمر، وما يليه، حيث إنها من أفضل الأغذية طعماً، وجودة، وفائدة.. وهناك المزيد في مقالات قادمة بمشيئة الله، وهو من وراء القصد.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store