Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
علي خضران القرني

الأنصاري كما عرفته وتعلمت منه!

A A
صدرت مجلة المنهل للعلوم والآداب بالمدينة المنورة عام 1356هـ لصاحبها ورئيس تحريرها الأديب الباحث الأستاذ عبدالقدوس الأنصاري رحمه الله، مواكبة للنهضة الأدبية التي عاصرت مرحلة التأسيس على يد المغفور له بإذن الله جلالة الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه-، واستطاع مؤسسها ورغم شح الموارد آنذاك، وبجهد المقل وهمته العالية أن يسير بها وفق الخطة الحكيمة التي رسمها لمسارها نحو تحقيق المستهدفات التي أُنشئت من أجلها.

وبعد بضع سنوات انتقلت إدارتها من المدينة إلى جدة، وبدأ نشاطها أكثر بروزاً وفاعلية تماشياً مع ما تعيشه جدة آنذاك من حركة نهضوية على كافة الأصعدة، وبدأ الإقبال عليها من حيث الإعلانات والشراء والاشتراكات، مما حسّن من وضعها وازدياد نشاطها الأدبي والثقافي وتسابق الكتاب والأدباء والشعراء -محلياً وخارجياً- على المشاركة فيها وكنت ممن كان له شرف الانتماء إلى أسرة تحريرها بكتابة مقالة شهرية، إضافة إلى المشاركة ببعض القصص والقصائد، وكنت وغيري من الشباب الواعد نجد من رئيس تحريرها الأستاذ عبدالقدوس الأنصاري التوجيه قبل التشجيع، وكانت المجلة بمثابة مدرسة تخرج فيها العديد من أرباب العلم في شتى التخصصات ممن بات يُشار إليهم بالبنان، لا تتسع مساحة النشر لذكر أسمائهم.

وفي أوائل عام 1380هـ وبعد انتقال عملي للطائف، شرفت بدعوة كريمة من الأستاذ الأنصاري لزيارته بمكتب المجلة بجدة، وكنت فخوراً وسعيداً بهذه الدعوة لأسباب من أهمها أنها المرة الأولى التي أقابله فيها، حيث كان التواصل بيني وبينه عن طريق الهواتف العادية والرسائل البريدية وما في حكمها فقط.

وفي ليلة ربيعية زاهية، زادها بحر العروس ألقاً وضياءً وإلهاماً، وبدار سعادته العامرة وبحضور كوكبة من أدباء وكُتاب وشعراء المملكة البارزين أذكر منهم على سبيل المثال لا الحصر: محمد أحمد العقيلي، محمد علي السنوسي، عبيد مدني، أمين مدني، ومحمود عارف، وعبدالإله جدع، والمربي الشيخ عثمان الصالح، والشيخ أحمد إبراهيم غزاوي، -رحم الله من مات منهم وأمد في عمر من بقى- وكانت ليلة تجلى فيها الإلهام بأحلى صوره، والماضي الخالد بعراقته والحاضر المزدهر بشموخه.

وقد سعد المجتمع الأدبي بالطائف بزيارتين له لإلقاء محاضرة عن سوق عكاظ بالنادي الأدبي في أوائل افتتاحه، ووقوفه على السد السملقي التاريخي بوادي ثمالة بالطائف كباحث آثاري متخصص.

ومجمل القول، هذه لمحات وجيزة عن الأستاذ عبدالقدوس الأنصاري رحمه الله، كما عرفته ورافقته وتعلّمت منه، وحسبي أنه كان يمثل ومجلته مدرسة مستقلة في شؤون الآداب والعلوم بالنسبة لما سواها من المجلات السعودية والعربية وظل عطاؤها منهلاً ثرياً لا ينضب معينه يعب منه كل ظامئ، حتى توقف صدورها أخيراً -مأسوفاً عليها- بعد أن أمضت في الصدور (80) عاماً، كانت خلالها شعلة مضيئة من الريادة تخصصاً ومسيرة ليس على المستوى المحلي فحسب بل على المستوى العربي أيضاً.

* نبض:

تعلّمت من الأنصاري الصبر وعدم اليأس، والهدوء وتكرار المحاولة، والابتعاد عن أسلوب الإثارة غير المحمودة والخشونة في الكتابة.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store