Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. أيمن بدر كريّم

الانتصار على الحياة والموت

A A
- على الرغم من أنّ عمر الإنسان بوصفه فرداً، مجرّد ومضة خاطفة، وهباءةٍ لا وزن لها في تاريخ البشرية الطويل.. إلا أنّ معضلته الكُبرى، تكمن في رغبتهِ أن يكون خالداً في الحياة.. في حين أنّ الحياةَ بجبروتها وتسلّطها، لا تعبأُ به ولا تقيمُ له أيّ قيمةٍ فرديةٍ خاصة. - ما يهمّ كلُّ واحد منّا في حقيقة الأمر.. هو القضيةُ الوجودية الأساس: أي المصير الفردي، بمعنى، إلى أين أذهب وما هو مصيري أنا تحديداً بعد الموت؟!.

هذه هي المُعضلة الفلسفيةُ الأساسية التي تؤرّق الفرد، وغيرها قضايا ثانويّة.

- ليس هناك سببٌ مُقنعٌ للخوف من الموت، فالموتُ تجربةٌ فردية شخصية، ونحن لا يمكننا الخوف حقيقةً إلا من تجاربنا الذاتيّة التي مررنا بها، وبما أنّنا لم نجرّب الموت، كما جرّبنا المرض أو الألم، فليس منطقياً أن نخاف من شيءٍ لم نجرّبه بعد!.

- كلّما ازداد تحرّرك من أمرين.. ازدادت طمأنينتك وقلّ شقاؤك: خوفك من الموت، وحرصك على الحياة. وعموماً، الخلود في الدنيا عقوبةٌ قبيحة وتعنيفٌ فظيع.. لولا الموت، لانتحر الناسُ طواعية!. تقول الدكتورة (نوال السّعداوي): «لقد انتصرتُ على كلّ من الحياةِ والموت. لأنني لم أعد أرغب في العيش، ولم أعد أخشى الموت».

- من أهمّ عوامل السّعادة، أن تتوفّر للإنسان، ظروفٌ سانحة لتحقيق أقصى ما يمكنه من نموّ نفسي فكري.. ولهذا يجب أن يكونَ له معنى في الحياةِ يسعى به وإليه.. لكنّ من العجيب مُلاحظة أنّ هناك مَن لا يكونُ لهم معنى حياة معيّن ولا قدرات مُعتبرة، ومع ذلك يشعرون بالسّعادة، ولديهم أمزجةٌ مستقرّة!.

- العزاءاتُ بأنواعها وصورها الدّينية والفلسفية، لا يُمكنها وعدك بالخَلاص ولا النّجاة من الواقع وصيرورةِ الفناء والفقد.. بل يُمكنها فحسْب اقتراح وسائلَ للعيش والتعايشِ الأمثل مع خيباتِ الأمل المُتكرّرة في الحياة، ومواجهة أقدار الشر والخير بصدرٍ أرحب.

- كلّما تقدّم بي العمر، يزدادُ شعوري بقُرب النضوب، ليس الموتُ ما يخيفني، بل فراغُ الأفكار، وفناءُ الرغبة، وخواءُ النفس من الولع والانفعالاتِ والإثارة.. أمرٌ عجيب.. ما أن تبدأ بفهمِ معاني الحياة، حتى تكون قد اقتربت كثيراً من الموت.. الموتُ معضلةُ الأحياء.. الموتى لا يُبالون به!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store