Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
م . طلال القشقري

نعمة الاستغناء عن السيّارات!!

A A
عندما صنع الألماني كارل بنز أوّل سيّارة في التاريخ عام ١٨٨٥م أصبحت السيّارات نعمة لا تُقدّر بثمن، ويكفيها أنّها تنقل النّاس لمسافات بعيدة دون أن ينال منهم فيما لو تنقّلوا على أرجلهم شِقّ الأنفس وعناء السيْر ووعْثاء السفر.

والسيّارات اليوم صارت نقمة، وسبحان مُغيّر الحال، لأسباب عديدة أهمّها الأعباء المالية التي تقع على عاتق من يملكونها، وتبدأ معهم من لحظة شرائها إلى لحظة تقاعدها وموتها، كما لو كانت متقاعداً قيل له: يا عجوز مُتْ قاعداً!.

وتبدأ الأعباء مع شراء السيّارات، ومن يستطيع شراءها نقداً من النّاس هم قلّة قليلة قد يُعدُّون بعدد أصابع اليد الواحدة، وتتفنّن البنوك في عروض تمويل الشراء التقسيطية التي تجعل رواتب كثيرٍ من النّاس مرهونة لها لسنوات كثيرة كما رُهِنَت لسنوات أكثر مع شراء عقاراتهم التي تُموّل شراءها البنوك ذاتها!.

ولا تحسبنّ الأعباء تزول بعد شراء السيّارات، فهناك أعباء تشغيلها التي ارتفعت كذلك، مثل الوقود ومُشتقّاته، في ظل غياب الوقود الكهربائي البديل، وهناك من النّاس من يُعبّئون سيّاراتهم به شبه يومياً بسبب طول مشاويرهم المعيشية، وحقاً جاء الوقود منافساً للأعباء المالية الأخرى!.

وهناك أعباء صيانة السيّارات التي ارتفعت مواد ومصنعية، سواءً في ورش وكالاتها أو في مناطق الورش الشعبية، وليس هناك أحد أحسن من أحد!.

وهناك أعباء المخالفات المرورية التي غطّت إدارات المرور كلّ مناحي حركات ودبيب ونشاط السيّارات، الظاهرة منها والباطنة، الخفيفة منها والثقيلة، البسيطة منها والصعيبة، ومهما حرِصَ السائقون على تفاديها فلا يستطيعون لذلك سبيلا، حتّى أصبحت القاعدة أن يُخصّص مالكو السيّارات جزءًا دائماً من رواتبهم لتسديد غرامات المخالفات، وسط تذكير إلكتروني متتابع لهم من الإدارات لسرعة الاعتراض على المخالفات أو تسديدها بالتي هي أحسن وأنظم!.

ولو قرّر شخص أن يستغني عن سيّارته من باب أنّ الباب الذي تجيء منه الأعباء المالية.. سُدَّه واستريح، فلن أستغرب صنيعه، ولن ألومه البتّة، فالأعباء كثيرة وكبيرة، وربّما كان الإنسان بدونها سالماً وغانماً ومطمئناً ومُرتاح البال.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store