Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. أحمد أسعد خليل

الجرأة.. والوقاحة !!

A A
يظن الكثيرون بأن هناك شعرة فاصلة بين الجرأة والوقاحة، ولكن الحقيقة أن هناك فرقاً كبيراً بينهما، فالبعض يعتقد أن الجرأة هي القدرة على فعل شيء ما دون الشعور بالخجل والاختلاف عن الآخرين، والبعض يعتقد أن الجرأة تعني لصاحبها أن شخصيتهُ قوية، ويمكن لصاحبها القيام بحركات جريئة دون القلق بشأن أي شخص، فالجرأة سلوك يختلف عن السلوكيات العادية الأخرى المألوفة لدى الناس، لأنها تُعبِّر عن شخص يثق بنفسه، ولديه روح جريئة، والجرأة هي عكس الخجل، والشخص الجريء يمكن أن يكون على استعداد للمخاطرة بالتعرض للخزي أو الرفض في المواقف الاجتماعية، كما يكون على استعداد لكسر قواعد الأدب، ولا يكون الشخص الجريء مذمومًا بالضرورة، فيمكن أن يكون الشخص جريئًا، مع كونه هادئًا، وبالتالي يمكن أن ننظر إلى الجرأة الزائدة عن الحد على أنها وقاحة أو تغطرس، وفي خارج السياق الاجتماعي، ولا ترتبط الجرأة دائمًا بالتهور، إلا أنها يمكن أن يكون لها دلالة إيجابية كبيرة، فالتحلي بالجرأة قد يكون خطوة كبيرة في مجال التنمية الاجتماعية.

أما الوقاحة مصدرها وقح، أي بمعنى قل حياؤه، واجترأ على فعل القبائح، ولم يعبأ بها، وهي عدم إظهار الاحترام والامتثال للمعايير الاجتماعية، أو احترام النفس واحترام الآخرين وحسن التعامل معهم في مجموعة أو ثقافة، وأنواع الوقاحة تتضمن التصرفات الطائشة، أو عدم إظهار مشاعر، وأسلوب جارح متعمد، وغير مؤدب.. أسلوب فاحش..ألفاظ نابية، وانتهاك المحظورات كالانحراف الاجتماعي، وفي بعض الأحيان تصل الوقاحة أبعد من ذلك لتكون جريمة أخلاقية بحق الآخرين.

أما عن بعض أنواع الوقاحة، فتتمثل في الوقح الخفي، وهو شخص عادى لا يمكن التنبؤ به وبسلوكه إلا تحت اختبار أو ظرف ما، والشخص الوقح غالباً لا يرى حلًا آخر لتحقيق ذاته سوى إبعاد الآخر جانباً، وصمت الآخرين عنه قد يحفز الشخص الوقح على مواصلة الأفعال ذاتها، ولكن الإدانة الشديدة، وانتقاد أفعاله يمكن أن تزعج الوقح، بل وحينها يظهر بوجهه الحقيقي.. وهناك الوقح المريض، ويقول بعض العلماء: إن الوقاحة المرضية تكمن في مجموعة من الناس، ربما نُزعوا الإنسانية بسبب تعرضهم المسبق لسخرية المجتمع، وهذا النوع من البشر يصبح غير آمن بالمرة، فهو نوع من الناس أصبح لا يثق في نفسه أو تصرفاته.. وهناك أيضاً الوقح المتعالي، بالنسبة لهذا النوع من البشر، فإن السلوك الوقح هو القاعدة، وكأن هذا السلوك معتاد منذ الطفولة، وهناك أسباب كثيرة له، فيمكن أن يكون نتيجة التربية المنزلية، وطرق التعليم، وتجاهل الفهم للقواعد الأساسية للسلوك واحترام الآخرين، ويعتقد هؤلاء البشر أن الجميع مدينون لهم بالتقدير، ويمجدون أنفسهم وأعمالهم فقط، ويحتقرون الآخرين أو لا يبالون بهم، فإن الأشخاص الوقحين من هذا النوع يؤمنون بصدق وبصحة أفعالهم على الدوام.

لا زلت أقول إن هناك فرقاً كبيراً بين الجرأة المحسوبة والوقاحة المتكررة، فقد لا تكون معلومة للكثيرين، ولكن من يدرك هذا الفرق يستطيع أن يحقق مكاسب كبيرة في حياته، ومن يجهله يحقق أيضاً خسائر مستمرة؛ وفقدٌ كبير في حياته، وخصوصاً مع المقربين له، عليناً أن نعي ذلك جيداً!!.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store