Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاتن محمد حسين

مِنى.. المدينة العصرية وفق رؤية 2030

A A
‏بحمد لله وتوفيقه؛ انتهى موسم حج هذا العام بنجاح؛ أشاد به حجاج بيت الله الحرام أنفسهم عبر جميع وسائل الإعلام المرئية، والمسموعة، والمقروءة، وكانوا يرفعون أسمى آيات الشكر والعرفان لسيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمير محمد بن سلمان، والحكومة السعودية ورجالاتها على ما قدموه من جهودٍ مباركة، وخدمات جليلة تضاهي إنجاز أي دولة في العالم. ‏وحقيقةً، ما أن ينتهي موسم الحج حتى تبدأ جميع الجهات المشاركة في تقييم الأداء، ورصد الثغرات، وكيفية التغلب عليها في السنوات القادمة، ومن ذلك وزارة الحج كجهة إدارية أساسية تعتبر قياس نجاح الحج يتمثل في أمن وسلامة وصحة الحجاج، إلى جانب الأمور التنظيمية التي تنعكس على توفير مناخ ملائم لأداء الحجاج لمناسكهم بيسر واطمئنان.

وفي حفل بهيج أقامته وزارة الحج ثالث أيام عيد الأضحى المبارك بعنوان: (ختامه مسك)، تكريماً لكافة القطاعات الحكومية والخاصة على جهودهم في إتمام موسم الحج، أعلن معالي الوزير توفيق الربيعة عن خطة عمل جديدة، ومنها أنه لن يكون هناك مواقع محددة للدول في حج عام ١٤٤٥هـ، وأن المواقع تحدد بناءً على من ينتهي أولاً من جميع التعاقدات، ويكون مستعداً وجاهزاً للعام القادم. كما أعلن أنه سيتم تسليم وثيقة الترتيبات الأولية لمكاتب شؤون الحجاج للعام القادم، والمتضمنة حصة كل دولة، والبرنامج الزمني الجديد لضمان الاستعداد المبكر لحج عام ١٤٤٥هـ. وهي خطة تعمل لأول مرة بحيث أنه في ١ ربيع الأول ١٤٤٥هـ يتم البدء في الاجتماعات التحضيرية، وفتح المسار الإلكتروني لإدخال البيانات، وإعلان قائمة الشركات المرخصة، وفي٢٠ ربيع الثاني ١٤٤٥هـ إطلاق معرض خدمات الحج والعمرة، وفي ١٥ شعبان يتم الانتهاء من التعاقدات للسكن في مكة والمشاعر المقدسة؛ وأن الدولة التي تنتهي تعاقداتها مبكراً ستكون لها الأولوية في أخذ الأماكن المناسبة لها في المشاعر المقدسة. كما أن إصدار التأشيرات سيكون من تاريخ ٢٠ شوال، وبدء وصول الحجاج من 1 ذي القعدة.

حقيقةً، خطة تبدو جيدة في الاستعداد المبكر؛ لأن حج عام ١٤٤٤هـ سمح بالتعاقدات حتى ٢٠ ذي القعدة؛ وحج الفرادى استمر تقريباً حتى ٧ ذي الحجة، ناهيك عن التأخر في تسليم المواقع من الوزارة كل عام، والتراخيص من كدانة لشركات مقدمي الخدمات، مما يجعلهم في سباق مع الزمن، ويواصلون الليل بالنهار للقيام بالاستعدادات المطلوبة من: نظافة، وفرش، وصيانة للمكيفات ودورات المياه، وإعداد للمطابخ، وأعمال إنشائية للمخيمات المغلقة لعام كامل.

‏وبالرغم من أن خطة الوزارة تبدو جيدة، ولكن الدولة السعودية التي ما فتأت تجعل من الحج واجهتها الحضارية، ومنذ عهد الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - مروراً بأبنائه الكرام، ووصولاً لعهد سيدي خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، لن تقبل بأنصاف الحلول، فالخيام الحالية قد أُنشأت منذ عام ١٤١٨هـ أي أكثر من 26 عاماً؛ وعوامل التعرية والزمن قد أتت على بنيتها، وتحتاج في هذه المرحلة لهمّة جبل طويق التي طبعها سيدي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في المواطن السعودي، فهو رئيس الهيئة الملكية لمكة والمشاعر المقدسة، ويملك الصلاحيات الكاملة في إدارة المشروع لرفع الطاقة الاستيعابية للمشاعر المقدسة بما يتوافق مع رؤية 2030 لاستقطاب ٣٠ مليون معتمر، بل ربما يصل عدد الحجاج إلى أكثر من أربعة ملايين حاج؛ لأن هناك دراسة كشف عنها - سابقا- د. حبيب زين العابدين وكيل وزارة الشؤون البلدية والقروية والمشرف العام على المشروعات المركزية التطويرية في المشاعر المقدسة عن رفع الطاقة الاستيعابية لمشعر منى من مليوني حاج إلى ٣.٥ مليون حاج - حسب صحيفة المدينة ٢٠ أكتوبر ٢٠١٢م.

ولأن المساحة المخصصة للحاج في منى وصلت حالياً إلى 0.93 في بعض المخيمات، وبعضها أقل.. علماً بأن هناك مساحات فوق الجبال غير مستغلة كما يجب، كما أن الترقيع البنائي الذي تقوم به بعض شركات مقدمي الخدمات لن يجدي نفعاً في زيادة الطاقة الاستيعابية؛ ونحتاج إلى جعل مشاريع مثل: (نيوم، وذا لاين) أنموذجاً في البناء الحضاري (لمِنى)، واستغلال للمساحات، وبناء في العمق والتآلف مع الطبيعة بكل مواردها، وضرورة معالجة مشكلات المدن الأفقية التقليدية المنبسطة، ومعالجة رفع أحمال الطاقة الكهربائية سنوياً إلى استخدام الطاقة المتجددة.

مشروع مثل هذا يدعمه أيضاً وجود محافظ صندوق الاستثمارات العامة الدكتور ياسر الرميان عضواً في مجلس الهيئة، وكذلك معالي وزير الاقتصاد والتخطيط، ومعالي وزير الحج والعمرة وقامات أخرى، وبالتنسيق مع هذه الكوكبة وبناء المشروع على مراحل، حتماً سيتحقق الكثير من رفع الطاقة الاستيعابية للمشاعر المقدسة وبما يتوافق مع رؤية 2030م، وكل ذلك لتقديم أفضل الإمكانات والمساحة المناسبة لراحة وسلامة الحاج.

وحتماً سيشمل المشروع بقية المشاعر المقدسة في عرفات ومزدلفة، وبذلك نعزز من مفهوم التنمية الحضرية السعودية التي محورها الإنسان، وخاصة حينما يكون ضيف الرحمن.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store