Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
محسن علي السهيمي

ما تمارسه السعودية.. لا تحسبوه هيِّناً

A A
جاء الدور الثالث من أدوار الدولة السعودية ممثلًا في قيام (المملكة العربية السعودية) على يد مؤسسها الملك عبدالعزيز آل سعود -رحمه الله-؛ ليُشكِّل نقلة عظيمة للجزء الأكبر من الجزيرة العربية؛ فيُخرجها من الحروب إلى الإخاء والوئام، ومن الفوضى إلى الاستقرار، ومن الخوف إلى الأمن، ومن الجهل بالدِّين والعِلم إلى الطريق القويم وأنوار المعرفة، ويجعلها علامة فارقة في مسيرة العصر الحديث.

قيام المملكة لم يكن حدثًا عاديًّا، وما تلا هذا القيام فاق كل التوقعات؛ فالمملكة منذ قيامها لم تنظر لمصالحها الضيقة فقط -مع أن المصالح الضيقة تقع في أولويات أي دولة وهذا من أبسط حقوقها- لكنها نظرت أبعد من ذلك، وكانت غاياتها أسمى، سواء على المستوى العربي أو الإسلامي أو الدولي. وكون المملكة تحتضن الحرمين الشريفين اللذين انطلقت منهما أنوار الرسالة المحمدية الخاتمة، فهي بهذا تُعد مهوى أفئدة المسلمين، وإليها تتقاطر وفودهم -حجًّا وعمرةً وزيارةً- وهذا التوافد كان له ما يقابله ويحتفي به، ولذا قُل ما شئت عن عمارة الحرمين وتوسعاتهما والعناية بهما، وقل ما شئت عن العناية بقاصديهما، وقل ما شئت عن العناية بالحجاج؛ إسكانًا ومعيشة وتنقلات وتطبيبًا، وعن العناية بالمشاعر المقدسة في منى وعرفات ومزدلفة، والتطوير العظيم الفخم لجسور الجمرات، وقل ما شئت عن عناية المملكة بالإسلام والعقيدة الصحيحة؛ ونشرها محليًّا وخارجيًّا، وقل ما شئت عن العناية بكتاب الله (القرآن الكريم)؛ طباعةً وتعليمًا، وتحفيظًا ونشرًا محليًّا وفي أنحاء العالم، وقل ما شئت عن المساجد والعناية بها وعن عمارتها محليًّا وفي الخارج، وعن المراكز الإسلامية والعناية بها. في جانب آخر نجد أن المملكة هي موطن العرب ومنبع لغتهم العربية الخالدة، ومن هذا المنطلق أخذت على عاتقها العناية بهذه اللغة -كونها لغة القرآن الكريم- وبكل ما تقتضيه هذه اللغة من وحدة وأخوَّة مع الدول العربية كافة، فكانت عنايتها باللغة العربية حاضرة على المستويات كافة، من خلال مراحل التعليم، ومن خلال دعم مجامع اللغة العربية الداخلية والخارجية، وقل ما شئت عن دعمها للدول العربية ماديًّا ومعنويًّا، وقل ما شئت عن دعمها لقضايا الأمة العربية ووقوفها مع أشقائها العرب في كل أمر.

في الجانب الإنساني تظهر لنا وبجلاء ووضوح تلك الأعمال الجليلة التي تقدمها المملكة للإنسانية؛ دون تمييز بين دِين أو لغة أو لون؛ فللمملكة يد سلفت -وما تزال- في مجال جهود الإغاثة في النوازل والكوارث التي تقع هنا أو هناك، ولها بصمتها في كل أمر يدعم عمل الخير، وفيه النفع للبشرية، سواء على المستوى الحكومي الرسمي أو الفردي. وتأتي عمليات فصل التوائم واحدةً من الشواهد على يد الخير الممدودة من المملكة تجاه العالم وإشكالاته ومعاناته؛ فقد وصل عدد عمليات فصل التوائم إلى (٥٨) عملية لحالات سيامية وطفيلية من (٢٣) دولة من ثلاث قارات منذ العام (١٩٩٠م) بقيادة معالي الدكتور عبدالله الربيعة.

ما سبق من أعمال في خدمة الإسلام والمسلمين والقرآن واللغة -وغيرُها الكثير الكثير- ما هي إلا قطرة في بحر الأعمال الجليلة التي تقدمها المملكة، محليًّا وعربيًّا وإسلاميًّا بل ودوليًّا، وهذه الأعمال التي تمارسها المملكة ربما يغفل البعض عن (جلال قدرها وفضلها وبركاتها)، ويحسبونها هيّنة، لكنها عند الله عظيمة وذات شأن، والشاهد هنا أن لهذه الممارسات الجليلة انعكاساتها الإيجابية على المملكة، ممثلة في (دوام أمنها ورخائها، وحفظها واستقرارها، وتمكينها ونهضتها وتفوقها...).

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store