Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
د. سعود كاتب

الأربعة الكبار

A A
للمهتمين بالأدب، أنا لا أقصد بعنوان: «الأربعة الكبار»، تلك الرواية الشهيرة التي ألفتها «أجاثا كريستي» عام 1927، وتمت ترجمتها لمعظم اللغات الحية، وتجاوزت مبيعاتها ملياري نسخة. وللمهتمين بالسياسة آمل ألا يذهب بالهم إلى مصطلح «الأربعة الكبار» المعروف، والذي يشير للدول الأربعة المتحالفة خلال الحرب العالمية الأولى، وهي أمريكا والمملكة المتحدة وإيطاليا وفرنسا، أما للمهتمين بالرياضة، فأنا على ثقة بأن تفكيرهم سيأخذهم فوراً إلى أن مقالي هذا هو حول الأندية الأربعة الكبار (الأهلي والهلال والاتحاد والنصر)، وهذا أيضاً ليس صحيحاً، رغم أنه لا يخلو من بعض العلاقة مع مضمون مقالي هذا.

إن الأربعة الكبار الذين أعنيهم هنا هم مؤسساتنا الصحفية، (الرياض وعكاظ والجزيرة والمدينة)، والتي لا أرى بأسًا في وضعهم على إحدى كفتي ميزان «قوتنا الناعمة»، وأضع على الكفة الأخرى أندية (الأهلي والهلال والاتحاد والنصر)، ليس بهدف المقارنة، ولكن بهدف المقاربة، بحثًا عن أفضل حلول لإخراج تلك المؤسسات من أزمتها، على غرار حلول إخراج أنديتنا الرياضية الأربعة من أزماتها، والسعي للارتقاء بها لمصاف أفضل أندية العالم.

فلو أننا نظرنا إلى كلٍ من الإعلام والرياضة، فإننا سنجد بأنهما يمثلان مصدراً هاماً لا غنى عنه من مصادر قوتنا الناعمة، ففي حين أن الرياضة عموماً وكرة القدم تحديداً؛ هي إحدى أكثر مصادر القوة الناعمة تأثيراً وجاذبية، فإن أهمية الإعلام من ناحية أخرى لا تكمن بمجرد كونه مصدرًا من مصادر القوة الناعمة، بل هو أيضا الأداة الأساسية لتعزيز الصورة في العالم، وللتعريف والترويج لكافة مصادر القوة الناعمة الأخرى، بما فيها الرياضة.

والتساؤل المشروع الذي لا يراودني شك بأنه سوف يثار هنا، هو: ألا يتعارض كلامي هذا مع رأيي الذي ظللتُ أنادي به طوال ثلاثة عقود مضت، بأن الصحافة المطبوعة في طريقها للانقراض، بل القول بأنها أصبحت واقعياً في حكم الميتة؟.

وردي على هذا التساؤل المنطقي والمشروع، هو أن علينا أن نفرق بين «صحافتنا المطبوعة» وبين «مؤسساتنا الصحفية»، فانحسار الأولى أو حتى موتها لا يعني، أو يُفْترض ألا يعني بأي حال موت الثانية، فالمؤسسات الصحفية تمتلك إرثاً ثميناً لا علاقة له بالحبر والورق، وضجيج المطابع، ويشمل ذلك الإرث: الاسم التجاري المعروف، خبرة متراكمة في التعامل مع الخبر والمعلومة، أرشيفًا يمثل كنزاً من المقالات والصور، والتاريخ والأخبار، فهم للإعلان، وعلاقة عميقة مع المعلنين.

ولا شك لدي بأن التضحية بفقدان كل هذا الإرث يعتبر انهياراً لأحد الأعمدة الرئيسية لإعلامنا، ليس من الحكمة السماح بحدوثه.

حسنًا، ما هو المطلوب إذا؟.

لمطلوب ببساطة هو خطة إنقاذ جادة للأربعة الكبار صحفياً، مماثلة لخطة إنقاذ الأربعة الكبار رياضياً، بحيث يشمل ذلك: دعم سخي موجَّه للتطوير الرقمي، متابعة وتقييم أداء، تغيير لنظام الملكية والتأسيس، فكر إعلامي وإداري جديد محل الفكر التقليدي القديم.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store