Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
نبيلة حسني محجوب

«سارة» السعودية.. موظفة مطعم

A A
أعلم أن أبناءنا وبناتنا تبوأوا مناصب مهمة في جامعات ومستشفيات العالم، وأعلم أيضا أن المرأة السعودية تجاوزت كل العراقيل التي وقفت في طريق علمها وعملها، وأبدعت في كل مجال، ولم تتورع عن القيام بكل وظيفة ومهمة، سواء عن طريق رغبتها وتخصصها، أو استجابةً لحاجتها؛ لكن لم أكن أعلم أني سألتقي بفتاة سعودية أثناء تناول وجبة عشاء في فندق في جنيف!.

عندما استقبلتنا وأجلستنا، ظننتها مواطنة سويسرية أو فرنسية، لم يبد عليها أنها عربية، اللغة والطريقة والأسلوب كلها تشير إلى أنها موظفة محترفة، لذلك لم نظهر اهتماماً بهويتها، أثناء الحديث مع الموظفة الأخرى مقدمة الخدمة، ومعرفتها أننا من السعودية، قالت وهي تشير إليها: «سارة» أيضًا سعودية.

لم أستوعب، تساءلت مَن «سارة»؟، أشارت إليها ثم أشارت لها بيدها لتأتي، توالدت أسئلتي من دهشتي وهي تبتسم وتجيب بسرور وفخر.

«سارة» طالبة فندقة وسياحة، إحدى طالبات الابتعاث الحكومي الذي وفر للسعوديين والسعوديات فرص التعليم في أكبر الجامعات حول العالم، وأتاح لهم فرص الاطلاع عن كثب على ثقافات العالم الأول، كما تم تصنيفه! وهم -بلا شك- أسبق منَّا في الخبرات والنظم السياحية؛ فالفنادق الكبرى في عالمنا العربي وداخل السعودية تدار عن طريق شركات عالمية، لذلك كانت الوظائف في قطاع السياحة حكراً على غير السعودي، فجاء التوجه بفتح تخصصات السياحة والفندقة في الجامعات السعودية، وإتاحة التخصص في البعثات، كأحد الأهداف الأساسية لتمكين الشباب، واستثمار ارتفاع نسبتهم في المجتمع السعودي، وتمكين المرأة.

المرأة السعودية كانت محصورة في وظائف محددة، كالتعليم والطب وبعض التخصصات المحدودة، التي رفعت معدل البطالة النسائية، رغم وجود مجالات عديدة متاحة لغير السعوديات، فهي حرمت - أيضا- من ارتياد مجال السياحة والفندقة، لكن قرارات خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان وولي عهده صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان، أتاحت لها فرص الخروج من نفق المنع والتحريم المظلم إلى نور التمكين والمشاركة وحق المواطنة الكامل الذي كان ممنوحاً للرجل فقط، بينما تعامل المرأة كمواطن درجة ثالثة أو رابعة، أو أنها سخرة للزوج والأبناء فقط.

«سارة» الفخورة بتخصصها وبدعم أسرتها وبرؤية 2030، نموذج للشابة السعودية الطموحة، التي بحثت عن أفضل الدول في مجال الفندقة والسياحة كما قالت، وجدت أن سويسرا هي الأفضل، بينما كانت تدرس التخصص في لندن، حولت تدريبها إلى سويسرا. وهذا يؤكد مرونة الملحقيات الثقافية في تلبية رغبات الطلاب في الانتقال من دولة إلى دولة، وتمكينهم من التدرب وممارسة المهنة في أفضل الدول وأنسب البيئات خلال الدراسة، أو بعد التخرج.

الحقيقة كانت لدي أسئلة كثيرة أجابت عليها كلها كما ذكرت بفخر، وأكدت أن ذكر اسمها واسم أسرتها من دواعي سرورها، لكني آثرت ذكر اسمها فقط، وأنا أدرك أن تلك الرغبة تأكيداً لفخرها بأسرتها التي دعمت رغبتها، ولم تقف عائقاً في سبيل تحقيق رغبتها في تخصص الفندقة والسياحة، حتى عندما جاءوا لزيارتها في جنيف وفي المطعم الذي تعمل به؛ كانوا فخورين بابنتهم وهي تقوم بمختلف الأعمال، موظفة استقبال، مقدمة خدمة، تلبي طلبات الزبائن، بل كانوا يوصلونها إلى عملها ويأخذونها منه خلال إقامتهم، رأيتها في كل تلك الأعمال التي تقوم بها بكل احترافية، ولم تنس خصال موطنها عندما تواجهنا تعرض خدماتها، وأنها مستعدة لتقديم أي مساعدة، لأنها تعرف البلد واللغة.

«سارة» وغيرها من شباب الوطن، الذين فتحت لهم رؤية محمد بن سلمان كل التخصصات والمهن، حتى الفضاء، واستطاعوا أن يكونوا جديرين بثقة وطن، أنتم نماذج مشرفة نفخر بها ويفخر بها الوطن.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store