Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
فاتن محمد حسين

الجودة.. في ثغر من ثغور الوطن

A A
«وطن لا نحميه لا نستحق العيش فيه»، عبارة وطنية نفذت إلى أعماق مشاعرنا.. ولم تعد شعاراً نردده، بل أصبحت واقعاً نعمل به في هذا الوطن القارة، الذي تبلغ مساحته (2.149.690 كم2)، وهي بذلك في الترتيب 13 عالمياً من حيث المساحة، وثاني أكبر دولة عربية.

هذا الاتساع والامتداد لم يُعجز الدولة القوية أن تحمي حدودها البرية والبحرية بجهاز الحماية في وزارة الداخلية، فأقيمت المديرية العامة لقوات حرس الحدود؛ وهي من أقدم الأجهزة الأمنية، ومنذ عهد الملك عبدالعزيز - طيب الله ثراه - الذي أدرك بفطنته أهمية حماية الحدود وحراستها ومكافحة التهريب والتسلل من الداخل والخارج، ومراعاة الأنظمة العالمية، وتطور ذلك الجهاز في أنظمته سنة تلو الأخرى لمواكبة التحديات العالمية، كما تطور في مسمّاه من (مصلحة خفر السواحل)، إلى مسميات متعددة حتى وصل لـ(المديرية العامة لحرس الحدود) ورئاستها في الرياض، وتتبعها تسع إدارات من جميع مناطق المملكة.

وقد سعدتُ وتشرفتُ بأن أكون ضمن فريق (مؤسسة الجودة والتميز الدولية)، بقيادة الرئيس التنفيذي للمؤسسة سعادة الدكتور عدنان الصغير، لتقييم ثغر من ثغور الوطن في الجودة، وهو (مركز الحدود في أبحر)، حيث تم الاطلاع على تجربة المركز في مجالات الجودة والتميز، وتم التنسيق لزيارة المركز يوم الثلاثاء 25‏/7‏/ 2023م. وحقيقة دُهشت بمشاهدته، فنحن نعرف أن الجودة هي من مقومات نجاح الأعمال في الشركات، أو ربما في المنظمات المدنية، ولم أتخيل أنه حتى في المنظمات العسكرية، وحتى في مراكزها الصغيرة، تسعى لتحقيق الجودة الشاملة.

بالمرور على الأقسام والاطلاع على الأعمال والخدمات المقدمة للمواطنين، والمقيمين، والسياح بجميع فئاتهم، اطلعت على ما يُثلج الصدر من عمليات البحث والإنقاذ والإرشاد لمستخدمي البحر، وكذلك إرشاد السفن والقوارب التائهة، ومراقبة الحدود وحمايتها، والتعاون مع الجهات الرسمية المختلفة في ضبط الأمن. وكان التحدي كبيراً وسط أمواج البحر المتلاطمة في عمليات الإنقاذ؛ ولكن لأن الجودة لديهم شاملة، ويُشرف عليها أحد الكوادر الوطنية الخبيرة في الجودة، وهو سعادة رئيس رقباء الدكتور أمين واصل الحازمي، حيث استطاع مركز أبحر تحقيق معدل (صفر غرق) في منطقة أبحر في عام 1444هـ، وهو إنجاز نفخر به في حماية الأرواح في هذه المنطقة المكتظة عادةً بالسياح، ومن كل أنحاء الوطن والعالم.

ولم تقتصر الجودة على ذلك، بل حتى في أقسام التصاريح وإعطاء الرخص للزوارق والحومات، والعبَّارات، يكون الاهتمام بالعملاء كبيراً في سرعة تقديم الخدمة لهم؛ حيث تطورت العملية من عدة ساعات إلى (نص ساعة تقريباً). وهذا يدل على كسر الروتين والبيروقراطية، بل واستخدام التقنية الحديثة في استلام البيانات، ثم عملية الفحص، والتأكد من سلامتها، وحتى إصدار الرخصة.

كل ذلك وغيره مما لا يتسع المجال لذكره شرح تقديمي مدعم بالصور والأرقام قدمه أمين الرقباء د. أمين الحازمي؛ الأنيق في سلوكه ومظهره وكلامه، وهي أيضا فكرة قد تكون جديرة بالتقدير للعسكريين، الذين كانت السمة السابقة للكثيرين منهم الخشونة والفظاظة؛ ولكنها الجودة التي تعني التحسين والتطوير الشامل في كل شيء؛ في الإجراءات، والأنظمة، والتعاملات والمظهر.

لم يكن شغفي بهذا المركز مجرد الزيارة للتقويم، ولكن للاطلاع أيضاً على تقييم أداء منسوبي هذا المركز من الدائرة نفسها لشهر ذي الحجة عام 1444هـ، وهو كتيّب وجدته في منطقة جلوسي، واستمتعت بالاطلاع عليه، ووجدت فيه الكثير من الحيادية في التقويم، فلم يُعطَ جميع المنسوبين درجة (ممتاز) - وكان بإمكانهم فعل ذلك- لأخذ درجة عالية في التقييم العام، بل كانت الدرجات، جيد جداً.

هذه الدقة المتناهية لأن هناك معايير دقيقة جداً منها مثلاً: سرعة الاستجابة للاستدعاء الرسمي، وسرعة إنجاز العمل، وإتقان وتنفيذ الأوامر، والتعامل مع الجمهور أثناء أداء العمل، والالتزام بالدوام الرسمي، والقيافة والالتزام بالزي، وغيرها... بل شد انتباهي أيضاً إدخال العنصر النسائي ضمن خدمات المركز، وأن المرأة السعودية فعلاً أصبحت في كل موقع، وهي فخر لنا بما تؤديه من مهام كانت حكراً على الرجال.

كل الشكر والتقدير لمؤسسة الجودة والتميز الدولية على إتاحة الفرصة لكوكبة من الزملاء والزميلات في مجال الجودة؛ لخوض تجربة تقييم منشأة عسكرية، لنزداد فخراً ويقيناً بأن السعودية أصبحت دولة عالمية، وبهمّة جبل طويق التي طبعها سمو الأمير محمد بن سلمان في المواطن السعودي، وفي كل مجال.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store