Logo
صحيفة يومية تصدر عن مؤسسة المدينة للصحافة والنشر
علي خضران القرني

تنمية المواهب.. بين التعثر والنجاح!

A A
قبل أن تكون هناك أندية أدبية أو صالونات مماثلة لها، كان المهتمون بالأدب والثقافة والصحافة وما في حكمها من رعيل الشباب، يتخذون من (المقاهي) المنتشرة في معظم المدن جلسات لهم، يتبادلون خلالها ما له علاقة بالنشاطات الأدبية والثقافية، وجديد الإصدارات في الساحة الأديبة، ويُقيّمون من خلال ذلك جودة المسار الأدبي ونهوضه على المستوى المحلي.

وكان غالبية مَن يحضر هذه المجالس، قد بدأوا تجربة مواهبهم الكتابية كلٌّ حسب تخصصه من خلال الصحف والمجلات التي كانت تصدر في تلك الحقب الزمانية، ومنهم من لا يزالون في بداية التجربة والظهور، ومنهم من لا يزال التهيّب مواكباً لمسيرته، لكن إصراره وصموده وتحدّيه للصعاب والعقبات جعلته يتجاوز كل ذلك، ويحقق الغاية التي رسمها نحو تحقيق المستهدفات والمعطيات للوصول إلى الآمال والطموحات، التي يرنو إليها بهمّةٍ عالية ومكابدة مستمرة، على أنه لا يخلو طموح أي إنسان من عقبات، تواجه تحقيق الأهداف التي رسمها لنفسه في حياته، لكنه وبصموده وإصراره قد يصل في النهاية إلى تحقيق مبتغاه.

يقول أحد الشعراء في لقاء معه عن بداياته: (تملكتني موهبة الشعر في سن مبكرة من عمري، وكنتُ أحفظ العديد من الشعر القديم والمعاصر، وحصيلتي في اللغة العربية جيدة، ورأيتُ أنني أصبحت مهيأً لكتابة الشعر، لكن التردد في النشر كان ملازماً لي، وتأسياً بقول الشاعر:

إذ كنت ذا رأي فكن ذا عزيمة

فإن فساد الرأي أن تترددا!!

مما جعلني أكسر حاجز هذا التردد، وبعثتُ بأولى محاولاتي الشعرية، لأحد الملاحق الأدبية، وباسم مستعار خشية الاصطدام بردود بعض المحررين الخالية -أحياناً- من روح التوجيه والتشجيع بالنسبة للمبتدئين أمثالي.. وفوجئت بعد أسبوع برد هذا الملحق بأن (قصيدتي) تفتقد بعض عناصر الشعر، وأن عليّ إعادة المحاولة.. ورغم عدم قناعتي بالرد، إلاّ أنني قابلته بالصمود واستمرار المحاولة تأسياً بقول القائل:

ومن يتهيب صعود الجبال

يعش أبد الدهر بين الحفر!

ولقناعتي من سلامة قصيدتي، وقبل إرسالها لملحق آخر، رأيتُ عرضها على من هو أكثر مني تجربة وخبرة، للاطمئنان على سلامتها من عيوب الشعر، وفعلاً تم ذلك، وأجاز صلاحيتها وخلوها من شوائب الشعر، ولم أيأس، بل ازددتُ طموحاً، وأرسلتها لملحق آخر، وباسمي الصريح، وأفاجأ بنشرها، فتشجعت واستمررت في المحاولة؛ حتى استطعت بتوفيق الله الوقوف إلى جانب الشعراء بروزاً وشاعرية).

* خاتمة:

النجاح في تحقيق (موهبة ما) أو التعثر فيها تجربة، قد يمر بها كل صاحب موهبة، والموقف الذي مر به الشاعر في لقائه المشار إليه آنفاً، خير دليل على ذلك.. وهناك مَن يماثله في نفس التجربة، لكنهم تغلبوا على ما واجههم من صدمات وصعوبات بقوة العزيمة والمحاولات الجادة، ووصلوا في النهاية إلى مشارف النجاح وبلوغ الغايات المنشودة بتوفيق الله، ثم تأسياً بقول القائل:

ومن تكن العلياء همة نفسه

فكل الذي يلقاه فيها محبب!

فعلى الذين قد يتعثرون في تحقيق مواهبهم ألاّ يقنطوا من رحمة الله، والاعتماد عليه في كل أمورهم، فمنه الدعم وتحقيق النجاحات دون غيره.

contact us
Nabd
App Store Play Store Huawei Store